بن ربيعة لم يدخلهما في الاسلام برفقه وحسن دعائه، وقد زعمتم انهما كانا يجلسان إليه لعلمه وطريف حديثه! وما باله لم يدخل جبير بن مطعم في الاسلام، وقد ذكرتم انه أدبه وخرجه، ومنه اخذ جبير العلم بأنساب قريش ومآثرها! فكيف عجز عن هؤلاء الذين عددناهم، وهم منه بالحال التي وصفنا، ودعا من لم يكن بينه وبينه انس ولا معرفة، إلا معرفة عيان! وكيف لم يقبل منه عمر بن الخطاب، وقد كان شكله، وأقرب الناس شبها به في أغلب أخلاقه! ولئن رجعتهم إلى الانصاف لتعلمن ان هؤلاء لم يكن اسلامهم إلا بدعاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم، وعلى يديه أسلموا، ولو فكرتم في حسن التأتي في الدعاء، ليصبحن لأبي طالب في ذلك على شركه اضعاف ما ذكرتموه لأبي بكر، لأنكم رويتم أن أبا طالب قال لعلي (عليه السلام):
يا بني ألزمه، فإنه لن يدعوك إلا إلى خير، وقال لجعفر: صل جناح ابن عمك، فأسلم بقوله، ولأجله أصفق بنو عبد مناف على نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة من بني مخزوم وبني سهم وبني جمح، ولأجله صبر بنو هاشم على الحصار في الشعب، وبدعائه وإقباله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أسلمت امرأته فاطمة بنت أسد، فهو أحسن رفقا، وأيمن نقيبة من أبي بكر وغيره، وإنما منعه عن الاسلام ان ثبت انه لم يسلم إلا تقية، وأبو بكر لم يكن له إلا ابن واحد، وهو عبد الرحمن، فلم يمكنه أن يدخله في الاسلام، ولا أمكنه إذ لم يقبل منه الاسلام أن يجعله كبعض مشركي قريش في قلة الأذى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه أنزل (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني ان اخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن ان وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين) (1)، وانما يعرف حسن رفق الرجل وتأتيه بان يصلح أولا امر بيته وأهله ثم يدعو الأقرب فالأقرب فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما بعث كان أول من دعا زوجته خديجة ثم مكفوله وابن عمه عليا (عليه السلام) ثم مولاه زيدا، ثم أم