فيما يأمره به، ويدعوه إليه، كما روي ان ابا طالب فقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما، وكان يخاف عليه من قريش ان يغتالوه، فخرج ومعه ابنه جعفر يطلبان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجده قائما في بعض شعاب مكة يصلي، وعلي (عليه السلام) عن يمينه، فلما رآهما أبو طالب، قال لجعفر: تقدم وصل جناح ابن عمك، فقام جعفر عن يسار محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما صاروا ثلاثة تقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأخر الاخوان، فبكى أبو طالب وقال:
ان عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الخطوب والنوب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي والله لا اخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب فتذكر الرواة ان جعفرا أسلم منذ ذلك اليوم، لان أباه امره بذلك وأطاع امره، وأبو بكر لم يقدر على ادخال ابنه عبد الرحمن في الاسلام، حتى أقام بمكة على كفره ثلاث عشرة سنة وخرج يوم أحد في عسكر المشركين ينادي: انا عبد الرحمن بن عتيق، هل من مبارز؟ ثم مكث بعد ذلك على كفره، حتى أسلم عام الفتح، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الاسلام طوعا وكرها، ولم يجد أحد منها إلى ترك ذلك سبيلا! وأين كان رفق أبي بكر وحسن احتجاجه عند أبيه أبي قحافة وهما في دار واحدة! هلا رفق به ودعاه إلى الاسلام فأسلم! وقد علمتم انه بقي على الكفر إلى يوم الفتح، فاحضره ابنه عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة (1)، فنفر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منه، وقال: غيروا هذا، فخضبوه، ثم جاءوا به مرة أخرى، فأسلم. وكان أبو قحافة فقيرا مدقعا، سئ الحال، وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال، فلم يمكنه استمالته إلى الاسلام بالنفقة والاحسان، وقد كانت امرأة أبي بكر أم عبد الله ابنه - واسمها تملة بنت عبد العزى بن أسعد بن عبد ود العامرية - لم تسلم، وأقامت على شركها بمكة وهاجر أبو بكر وهي كافرة. فلما