زوجته وابنيه سورة (1) كاملة من القرآن وهو الذي ملك أربعة دراهم فاخرج منها درهما سرا ودرهما علانية ليلا ثم اخرج منها في النهار درهما سرا ودرهما علانية، فانزل فيه قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) (2)، وهو الذي قدم بين يدي نجواه صدقة دون المسلمين كافة، وهو الذي تصدق بخاتمه وهو راكع، فانزل الله فيه (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (3).
قال الجاحظ: والحجة العظمى للقائلين بتفضيل علي (عليه السلام) قتله الاقران، وخوضه الحرب، وليس له في ذلك كبير فضيلة، لان كثرة القتل، والمشي بالسيف إلى الاقران، لو كان من أشد المحن وأعظم الفضائل، وكان دليلا على الرياسة والتقدم لوجوب ان يكون للزبير وأبي دجانة ومحمد بن مسلمة وابن عفراء، والبراء بن مالك من الفضل ما ليس لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه لم يقتل بيده إلا رجلا واحدا ولم يحضر الحرب يوم بدر، ولا خالط الصفوف، وانما كان معتزلا عنهم في العريش ومعه أبو بكر، وأنت ترى الرجل الشجاع قد يقتل الاقران، ويجندل الابطال، وفوقه من العسكر من لا يقتل ولا يبارز، وهو الرئيس أو ذو الرأي، والمستشير في الحرب، لان للرؤساء من الاكتراث والاهتمام وشغل البال والعناية والتفقد ما ليس لغيرهم، ولان الرئيس هو المخصوص بالمطالبة، وعليه مدار الأمور وبه يستبصر المقاتل، ويستنصر، وباسمه ينهزم العدو، ولو لم يكن له الا ان الجيش لو ثبت وفر هو لم يغن ثبوت الجيش كله، وكانت الدبرة عليه ولو ضيع القوم جميعا وحفظ هو لانتصر وكانت الدولة له، ولهذا لا يضاف النصر والهزيمة إلا