أيمن خادمته فهل رأيتم أحدا ممن كان يأوى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسارع! وهل التأث عليه أحد من هؤلاء! فهكذا يكون حسن التأتي والرفق في الدعاء! هذا ورسول الله مقل، وهو من جملة عيال خديجة حين بعثه الله تعالى، وأبو بكر عندكم كان موسرا، وكان أبوه فقيرا، وانما حسن التأتي والرفق في الدعاء ما صنعه مصعب بن عمير لسعد بن معاذ لما دعاه، وما صنع سعد بن معاذ ببني عبد الأشهل لما دعاهم وما صنع بريدة بن الحصيب بأسلم لما دعاهم، قالوا: أسلم بدعائه ثمانون بيتا من قومه، وأسلم بنو عبد الأشهل بدعاء سعد في يوم واحد واما من لم يسلم ابنه ولا امرأته ولا أبوه ولا أخته بدعائه فهيهات ان يوصف ويذكر بالرفق في الدعاء وحسن التأتي والأناة!
قال الجاحظ: ثم أعتق أبو بكر بعد ذلك جماعة من المعذبين في الله، وهم ست رقاب منهم بلال، وعامر بن فهيرة، وزبيرة النهدية، وابنتها، ومر بجارية يعذبها عمر بن الخطاب فابتاعها منه، واعتقها، واعتق ابا عيسى فانزل الله فيه: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى...) (1)، إلى آخر السورة.
قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله) أما بلال وعامر بن فهيرة فإنما اعتقهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وروى ذلك الواقدي وابن إسحاق وغيرهما، واما باقي مواليهم الأربعة فان سامحناكم في دعواكم لم يبلغ ثمنهم في تلك الحال لشدة بغض مواليهم لهم إلا مائة درهم أو نحوها فأي فخر في هذا! واما الآية فان ابن عباس قال في تفسيرها:
(فاما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) أي لان يعود.
وقال غيره: نزلت في مصعب بن عمير.
قال الجاحظ: وقد علمتم ما صنع أبو بكر في ماله، وكان ماله أربعين الف