بطنه، وحسبك بالفقر فضيلة في دين الله لمن صبر عليه، فإنك لا تجد صاحب الدنيا يتمناه لأنه مناف لحال الدنيا وأهلها، وانما هو شعار أهل الآخرة.
واما طاعة علي (عليه السلام) وكون الجاحظ زعم أنها كانت لأن في عز محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عزه وعز رهطه بخلاف طاعة أبي بكر، فهذا يفتح عليه ان يكون جهاد حمزة كذلك، وجهاد عبيدة بن الحارث، وهجرة جعفر إلى الحبشة، بل لعل محاماة المهاجرين من قريش على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت لان في دولته دولتهم، وفي نصرته استجداد ملك لهم وهذا يجر إلى الالحاد، ويفتح باب الزندقة، ويفضي إلى الطعن في الاسلام والنبوة.
قال الجاحظ: وعلى انا لو نزلنا إلى ما يريدونه، جعلنا الفراش كالغار، وخلصت فضائل أبي بكر في غير ذلك عن معارض.
قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله): قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة في الغار، بما هو واضح لمن أنصف، ونزيدها هنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم فنقول: إن فضيلة المبيت على الفراش على الصحبة في الغار لوجهين:
أحدهما: ان عليا (عليه السلام) قد كان انس بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحصل له بمصاحبته قديما انس عظيم والف شديد، فلما فارقه عدم ذلك الانس وحصل به أبو بكر، فكان ما يجده علي (عليه السلام) من الوحشة وألم الفرقة موجبا زيادة ثوابه، لان الثواب على قدر المشقة.
وثانيهما: ان ابا بكر كان يؤثر الخروج من مكة، وقد كان خرج من قبل فردا فازداد كراهية للمقام، فلما خرج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وافق ذلك هوى قلبه ومحبوب نفسه، فلم يكن له من الفضيلة ما يوازي فضيلة من احتمل المشقة العظيمة، وعرض نفسه لوقع السيوف، ورأسه لرضخ الحجارة، لأنه على قدر سهولة العبادة يكون نقصان الثواب.