انها كانت تطلب محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقصد قصده، وتروم قتله فان أعجزها وفاتها طلبت عليا (عليه السلام)، وأرادت قتله، لأنه كان أشبههم بالرسول حالا، وأقربهم منه قربا، وأشدهم عنه دفعا وانهم متى قصدوا عليا فقتلوه أضعفوا امر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكسروا شوكته، إذ كان أعلى من ينصره في البأس والقوة والشجاعة والنجدة والاقدام والبسالة، ألا ترى إلى قول عتبة بن ربيعة يوم بدر، وقد خرج هو وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عتبة، فاخرج إليه الرسول، نفرا من الأنصار، فاستنسبوهم فانتسبوا لهم، فقالوا: ارجعوا إلى قومكم ثم نادوا: يا محمد! اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهله الأدنين: قوموا يا بني هاشم، فانصروا حقكم الذي آتاكم الله على باطل هؤلاء، قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة.
ألا ترى ما جعلت هند بنت عتبة لمن قتله يوم أحد، لأنه اشترك هو وحمزة في قتل أبيها يوم بدر؟ ألم تسمع قول هند ترثي أهلها:
ما كان عن عتبة لي من صبر * أبي وعمي وشقيق صدري أخي الذي كان كضوء البدر * بهم كسرت يا علي ظهري وذلك لأنه قتل اخاها الوليد بن عتبة، وشارك في قتل أبيها عتبة، واما عمها شيبة، فان حمزة تفرد بقتله.
وقال جبير بن مطعم لوحشي مولاه يوم أحد، ان قتلت محمدا فأنت حر، وان قتلت عليا فأنت حر، وان قتلت حمزة فأنت حر، فقال أما محمد فسيمنعه أصحابه، واما علي فرجل حذر كثير الالتفات في الحرب، ولكني سأقتل حمزة فقعد له ورزقه بالحربة فقتله.
ولما قلنا من مقاربة حال علي (عليه السلام)، في هذا الباب لحال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومناسبتها إياها ما وجدناه في السير والاخبار، من إشفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحذره