وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمر على عمار وابيه وأمه، وهم يعذبون، يعذبهم بنو مخزوم لأنهم كانوا حلفاءهم فيقول: " صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنة " وكان بلال يقلب على الرمضاء، وهو يقول: أحد أحد! وما سمعنا لأبي بكر في شئ من ذلك يذكر، ولقد كان لعلي (عليه السلام) عنده يد غراء ان صح ما رويتموه في تعذيبه، لأنه قتل نوفل بن خويلد وعمير بن عثمان يوم بدر، ضرب نوفلا فقطع ساقه، فقال: قد قطع الله كل رحم وصهر إلا من كان تابعا لمحمد، ثم ضربه أخرى ففاضت نفسه، وصعد لعمير بن عثمان التميمي، فوجده يروم الهرب، وقد ارتج عليه المسلك، فضربه على شراسيف صدره، فصار نصفه الأعلى بين رجليه، وليس ان ابا بكر لم يطلب بثأره منهما ويجتهد، لكنه لم يقدر على أن يفعل فعل علي (عليه السلام) فبان علي (عليه السلام) بفعله دونه.
قال الجاحظ: ولأبي بكر مراتب لا يشركه فيها علي ولا غيره وذلك قبل الهجرة، فقد علم الناس ان عليا (عليه السلام) انما ظهر فضله، وانتشر صيته، وامتحن ولقي المشاق منذ يوم بدر، وانه انما قاتل في الزمان الذي استوفى فيه أهل الاسلام، وأهل الشرك، وطمعوا في أن يكون الحرب بينهم سجالا، وأعلمهم الله تعالى ان العاقبة للمتقين، وأبو بكر كان قبل الهجرة معذبا ومطرودا مشردا، في الزمان الذي ليس بالإسلام وأهله نهوض ولا حركة ولذلك قال أبو بكر في خلافته: طوبى لمن مات في فأفأة الاسلام! يقول: في ضعفه (1).
قال أبو جعفر (رحمه الله): لا أشك ان الباطل خان ابا عثمان والخطأ أقعده والخذلان أصاره إلى الحيرة، فما علم وعرف حتى قال ما قال، فزعم أن عليا (عليه السلام) قبل الهجرة لم يمتحن ولم يكابد المشاق، وانه انما قاسى مشاق التكليف ومحن الابتلاء منذ يوم بدر، ونسي الحصار في الشعب، وما مني به منه وأبو بكر وادع رافه، يأكل