طالب رافه وادع، ليس بمطلوب ولا طالب، وليس انه لم يكن في طبعه الشهامة والنجدة، وفي غريزته البسالة في الشجاعة لكنه لم يكن قد تمت أداته، ولا استكملت آلته، ورجال الطلب وأصحاب الثأر يغمصون ذا الحداثة ويزدرون بذي الصبا والغرارة إلى أن يلحق بالرجال، ويخرج من طبع الأطفال (1).
قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله): اما القول فممكن والدعوى سهلة، سيما على مثل الجاحظ، فإنه ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب، وهو من دعوى الباطل غير بعيد، فمعناه نزر، وقوله لغو، ومطلبه سجع وكلامه لعب ولهو، يقول الشئ وخلافه، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ، ولا لدعواه حد قائم، وإلا فكيف تجاسر على القول بأن عليا حينئذ لم يكن مطلوبا ولا طالبا، وقد بينا بالاخبار الصحيحة والحديث المرفوع المسند انه كان يوم أسلم بالغا كاملا منابذا بلسانه وقلبه لمشركي قريش، ثقيلا على قلوبهم وهو المخصوص دون أبي بكر بالحصار في الشعب وصاحب الخلوات برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الظلمات، المتجرع لغصص المرار من أبي لهب وأبي جهل وغيرهما، والمصطلي لكل مكروه والشريك لنبيه في كل أذى، قد نهض بالحمل الثقيل، وبان بالأمر الجليل، ومن الذي كان يخرج ليلا من الشعب على هيئة السارق ويخفي نفسه، ويضائل شخصه، حتى يأتي إلى من يبعثه اليه أبو طالب من كبراء قريش، كمطعم بن عدي وغيره، فيحمل لبني هاشم على ظهره أعدال الدقيق والقمح، وهو على أشد خوف من أعدائهم، كأبي جهل وغيره، لو ظفروا به لأراقوا دمه، أعلي كان يفعل ذلك أيام الحصار في الشعب، أم أبو بكر؟ وقد ذكر هو (عليه السلام) حاله يومئذ، فقال في خطبة له مشهورة: فتعاقدوا ألا يعاملونا ولا يناكحونا، وأوقدت الحرب علينا نيرانها، واضطرونا إلى جبل وعر، مؤمننا يرجو الثواب، وكافرنا يحامي عن الأصل، ولقد