قال: هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال: يا قوم إني برئ مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما انا من المشركين، وفي ذلك يقول الله جل ثناؤه: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) (1) وعلى هذا كان اسلام الصديق الأكبر (عليه السلام) لسنا نقول إنه كان مساويا له في الفضيلة، ولكن كان مقتديا بطريقة علي ما قال الله تعالى: (ان أولى أناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذي آمنوا والله ولي المؤمنين) (2) واما اعتلال الجاحظ بان له ظهرا كأبي طالب وردءا كبني هاشم، فإنه يوجب عليه ان تكون محنة أبي بكر وبلال وثوابهما وفضل اسلامهما أعظم مما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لان أبا طالب ظهره. وبني هاشم ردؤه. وحسبك جهلا من معاند لم يستطع حط قدر علي (عليه السلام) إلا بحطه من قدر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! ولم يكن أحد أشد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قراباته، الأدنى منهم فالأدنى، كأبي لهب عمه وامرأة أبي لهب وهي أم جميل بنت حرب بن أمية واحدى أولاد عبد مناف، ثم ما كان من عقبة بن أبي معيط، وهو ابن عمه، وما كان من النضر بن الحارث، وهو من بني عبد الدار بن قصي، وهو ابن عمه أيضا وغير هؤلاء ممن يطول تعدادهم، وكلهم كان يطرح الأذى في طريقه.
وينقل اخباره ويرميه بالحجارة ويرمي الكرش والفرث عليه، وكانوا يؤذون عليا (عليه السلام) كأذاه، ويجتهدون في غمه ويستهزئون به، وما كان لابي بكر قرابة تؤذيه كقرابة علي، ولما كان بين علي والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الاتحاد والألف والاتفاق أحجم المنافقون بالمدينة عن اذى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خوفا من سيفه، ولأنه صاحب الدار والجيش، وأمره مطاع وقوله نافذ، فخافوا على دمائهم منه، فاتقوه، وامسكوا