عن إظهار بغضه، وأظهروا بغض علي (عليه السلام) وشنآنه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه في الخبر الذي روي في جميع الصحاح " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " وقال كثير من أعلام الصحابة، كما روي في الخبر المشهور بين المحدثين " ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب ". وأين كان ظهر أبي طالب عن جعفر، وقد أزعجه الأذى عن وطنه وحتى هاجر إلى بلاد الحبشة وركب البحر، أيتوهم الجاحظ ان أبا طالب نصر عليا وخذل جعفرا!
قال الجاحظ: ولأبي بكر فضيلة في اسلامه انه كان قبل اسلامه كثير الصديق، عريض الجاه، ذا يسار وغنى، يعظم لماله، ويستفاد من رأيه، فخرج من عز الغنى وكثرة الصديق إلى ذل الفاقة وعجز الوحدة، وهذا غير اسلام من لا حراك به ولا عز له، تابع غير متبوع، لأن من أشد ما يبتلى الكريم به السب بعد التحية والضرب بعد الهيبة، والعسر بعد اليسر. ثم كان أبو بكر داعية من دعاة الرسول، وكان يتلوه في جميع أحواله، فكان الخوف اليه أشد، والمكروه نحوه أسرع، وكان ممن تحسن مطالبته، ولا يستحيى من أدراك الثأر عنده، لنباهته، وبعد ذكره، والحدث الصغير يزدرى ويحتقر لصغر سنة وخمول ذكره (1).
قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله): اما ما ذكر من كثرة المال والصديق، واستفاضة الذكر وبعد الصيت وكبر السن، فكله عليه لا له وذلك لأنه قد علم أن من سيرة العرب وأخلاقها حفظ الصديق والوفاء بالذمام والتهيب لذي الثروة واحترام ذي السن العالية، وفي كل هذا ظهر شديد، وسند وثقة يعتمد عليها عند المحن، ولذلك كان المرء منهم إذا تمكن من صديقه أبقى عليه، واستحيى منه، وكان ذلك سببا لنجاته والعفو عنه، على أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) إن لم يكن شهره سنه، فقد شهره نسبه وموضعه من بني هاشم، وإن لم يستفض ذكره بلقاء الرجال، وكثرة الاسفار