الثمانية الأصناف، ومثله أيضا قوله في حديث المسئ في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، ثم أمره بفعل ما رآه لم يأت به، ولم يقيمه في صلاته، فقال: إذا قمت إلى الصلاة... فذكر الحديث، وسكت له عن التشهد والتسليم، وقد قام الدليل من غير هذا الحديث على وجوب التشهد والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم بما علمهم من ذلك كما يعلمهم السورة من القرآن، وأعلمهم أن ذلك في صلاتهم، وقام الدليل أيضا في المسألة أنه إنما يتحلل من الصلاة به لا بغيره من هذا الحديث، فذكر أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مأخوذة من غير ذلك الحديث.
وأيضا جاز لمن جعل التشهد فرضا بحديث ابن مسعود هذا حتى رد على من خالفه، وقال: إذا قعد مقدار التشهد فقد تمت صلاته، بأن ابن مسعود إنما علق التمام في حديثه بالتشهد جاز لمن أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتج بالأحاديث الموجبة لها ولكون حجته منها على من نفي وجوبها كالحجة من حديث ابن مسعود على من نفى وجوب التشهد ووجوب القعدة معه، واستدلالنا أقوى من استدلالكم، لأنه استدلال بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعمل الأمة قرنا بعد قرن، فإن لم يكن ذلك أقوى ممن استدل على وجوب التشهد لم يكن دونه، وإن كان في هذه المسألة من الفقهاء من ينازعنا، فهو كمن ينازعكم من الفقهاء في وجوب التشهد، والحجة في الدليل أين كان ومع من كان الجواب.
الثالث: أنه لا يمكن أحد من منازعينا أن يحتج علينا بهذا الأثر لا مرفوعا ولا موقوفا، فإنه يقال لمن يحتج به إما أن يكون قوله: فإذا قلت هذا، فقد تمت صلاتك مقتصرا عليه أو مضافا إلى سائر واجباتها.
والأول: محال أو باطل...
والثاني: حق ولكنه لا ينفي وجوب شئ مما تنازع فيه الفقهاء من واجبات الصلاة فضلا عن نفيه، وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا التسليم من تمام الصلاة وواجباتها عند مالك، وكذا الجلوس للتشهد وإن لم يذكره، وكذا إن كان عليه سهو واجب، فإنه لا تتم الصلاة إلا به وليس لشئ من ذلك ذكر في هذا الأثر.