أحدها: حديث محمد بن إبراهيم التيمي الذي تقدم وقوله: وكيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا؟.
الثاني: أن الصلاة التي سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم إياها نظير السلام الذي علموه، لأنهم قالوا: هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟
ومن المعلوم أن السلام الذي علموه هو قولهم في الصلاة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فوجب أن تكون الصلاة المقرونة به هي في الصلاة.
الثالث: أنه لو قدر أن أحاديث التشهد تنفي وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أدلة وجوبها مقدمة ذلك على تلك، لأن نفيها باق على استحباب البراءة الأصلية، ووجوبها ناقل عنها، والناقل مقدم على المنفي، فكيف ولا تعارض، فإن غاية ما ذكرتم من تعليم التشهد أدلة ساكتة عن وجوب شئ لا يكون معارضا لما نطق به فضلا أن يقدم عليه؟
الرابع: أن تعليمهم التشهد كان متقدما، ولعله من حين فرضت الصلاة، وأما تعليمهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان بعد نزول قول الله تعالى:
(إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية، ومعلوم أن هذه الآية نزلت في الأحزاب بعد نكاحه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، وبعد تخييره أزواجه، فهي بعد فرض التشهد، فلو قدر أن فرض التشهد كان نافيا لوجوب الصلاة عليه، كان منسوبا بأدلة الوجوب فإنها متأخرة، والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله:
أن هذا الوجه: يقتضي تقديم أدلة الوجوب لتأخرها، والوجه الذي قبله: يقتضي تقديم لرفع البراءة الأصلية من غير نظر إلى تقدم وتأخر، والذي يدل على تأخر الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن التشهد قولهم: أما السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ ومعلوم أن السلام عليه مقرون بذكر التشهد لم يشرع في الصلاة وحده بدون ذكر التشهد والله أعلم.
وأما قوله: ومن حجة من لم يرها فرضا في الصلاة حديث الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة.. الحديث، وفيه: فإذا قلت ذلك، فقد قضيت الصلاة فإن شئت فقم، وإن شئت فاقعد، وإنه يذكر في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فجوابه من وجوه.