أحد منهم أصلا.
الرابع: أن أبا سفيان لما قدم المدينة دخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه، فقال: يا بنية! ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش؟ أم رغبت به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر، وهذا الخبر مشهور عند أهل المغازي والسير، ذكره ابن إسحاق وغيره في قصة قدوم أبي سفيان المدينة لتجديد الصلح.
الخامس: أن أم حبيبة " كانت " (1) من مهاجرات الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش، ثم تنصر زوجها وهلك بأرض الحبشة، ثم قدمت حتى جاءت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما زوجه النجاشي إياها، فكانت عندك صلى الله عليه وسلم ولم تكن عند أبيها، وهذا مما لا يشك فيه أحد من أهل النقل، " ومن المعلوم أن أبا سفيان " (1) لم يسلم إلا عام الفتح، فكيف يقول: عندي أجمل العرب أزوجك إياها؟ وهل كانت عنده بعد هجرتها وإسلامها قط؟
فإن كان قال ذلك القول قبل إسلامه فهو محال، فإنها لم تكن عنده، ولم يكن له عليها ولاية أصلا، وإن كان قاله بعد إسلامه فمحال أيضا، لأن نكاحها لم يتأخر إلى بعد الفتح، فإن قيل: بل بيقين أن يكون نكاحها بعد الفتح لأن الحديث الذي رواه مسلم صحيح، ورجال إسناده ثقات حفاظ، وحديث نكاحها بأرض الحبشة من رواية محمد بن إسحاق مرسلا، والناس مختلفون بمسانيد ابن إسحاق، فكيف بمراسيله؟ فكيف بها إذا خالفت المسانيد الثابتة؟ وهذه طريقته في تصحيح حديث ابن عباس هذا، والجواب من وجوه:
أحدها: أن ما ذكره هذا القائل إنما يمكن عند تساوي النقلين، فيترجح ما