الحبشة، ومثل هذا لا يكون خطأ أصلا، ولا يكون إلا قصدا، نعود بالله من البلاء.
" و " قال محمد بن طاهر المقدسي " في كتاب " (الانتصار لإمامي الأمصار): هذا كلامه بعينه ورمته، وهو كلام رجل مجازف، هتك فيه حرمة كتاب مسلم، و " صار " إلى الغفلة عما اطلع هو عليه، وصرح أن عكرمة بن عمار وضعه، وهذا ارتكاب بطرق لم تسلكها أئمة النقل " أو علماء " الحديث، فإنا لا نعلم أحدا منهم نسب عكرمة إلى الوضع البتة، وهم أهل مائة الذين عاصروه وعرفوا أمره، وحملوا عنه واحتجوا بأحاديثه، وأخرجوها في الدواوين الصحيحة.
واعتمد عليه مسلم في غير حديث من كتابه الصحيح، " وروى " عنه الأئمة، مثل عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو عامر العقدي، وزيد بن الحباب، ففي مسلم - وهو " من " الأئمة المقتدى بهم في تزكية الرواة الذين عاهدوهم وأخذوا عنهم - ثم ذكر بسنده: قال وكيع عن عكرمة - وكان ثقة - وعن يحيى بن معين: عكرمة بن عمار صدوق وليس به بأس، وفي روايته كان أمينا وكان حافظا، وعن الدارقطني أنه قال: عكرمة بن عمار يماني ثقة، ثم قال: فكان الرجوع إلى قول الأئمة الحفاظ في تعديله أولى من قوله وحده في تجريحه.
فإن قيل: لم ينفرد عكرمة بهذا الحديث بل توبع عليه، فقال الطبراني:
حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا عمر بن خليف بن إسحاق بن مرسال الحنفي قال: حدثني عمي إسماعيل بن مرسال عن أبي زميل الحنفي قال:
حدثني ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يفاتحونه، فقال: يا رسول الله، ثلاث أعطينهن..، الحديث. فهذا إسماعيل ابن مرسال قد رواه عن أبي زميل، كما رواه عكرمة بن عمار، يبرئ .