" أم المؤمنينزينب بنت جحش " (*) وزينب بنت جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم
* - هي زينب بنت جحش بن رباب، وابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي أخت حمزة، وأبي أحمد، من المهاجرات الأول، وكانت عند زيد، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي يقول الله فيها: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) " الأحزاب: ٣٧ "، والذي أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم: هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته، وكان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد الله تعالى إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابنا، ووقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أدعى لقبولهم، وقد أخرج الترمذي من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة قالت:
لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي، لكتم هذه الآية.
فزوجها الله تعالى بنص كتابة، بلا ولي ولا شاهد، فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق عرشه. " أخرجه البخاري في التوحيد، باب (وكان عرشه على الماء)، من طريق أنس، قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك. قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه. قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكم أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. وفي رواية البخاري: كانت تقول: إن الله أنكحني في السماء، أخرجه البخاري من حديث أنس قال: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما، وكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تقول: إن الله أنكحني في السماء.
وكانت رضي الله عنها من سادة النساء، دينا، وورعا، وجودا، ومعروفا، وحديثها في الكتب الستة، روى عنها ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش، وأن المؤمنين أم حبيبة، وزينب بنت أبي سلمة، وأرسل عنها القاسم بن محمد.
توفيت في سنة عشرين، وصلى عليها عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر: لما ماتت بنت جحش أمر عمر رضي الله عنه مناديا: ألا يخرج معها إلا ذو محرم، فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين، ألا أريك شيئا رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم؟ فجعلت نعشا وغشته ثوبا، فقال: ما أحسن هذا وأستره!
فأمر مناديا فنادى: أن اخرجوا على أمكم. " إسناده صحيح، وهو في (طبقات ابن سعد)، لكن سقط من إسناده فيه ابن عمر، واستدركناه من (سير الأعلام).
وهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا. وإنما عنى طوال يدها بالمعروف.
قالت عائشة: فكن يتطاولن أيهن أطول يدا، وكانت زينب تعمل وتصدق، " والحديث أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل زينب أم المؤمنين. من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا. قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا قالت: فكانت أطولنا يدا زينب - لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق. ".
وروي عن عائشة قالت: كانت زينب، أتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة رضي الله عنها " أخرجه مسلم في فضائل الصحابة من طريق الزهري، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها في خبر مطول، وفيه: قالت عائشة رضي الله عنها:
فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلمزينب بنت جحشزوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى الله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها، تسرع منها الفيئة ".
" وأخرجه أحمد من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة بلفظ: ولم أر امرأة خيرا منها، وأكثر صدقة، وأوصل للرحم، وأبذل لنفسها في كل شئ يتقرب به إلى الله عز وجل، من زينب، ما عدا سورة من غرب حد كان فيها، توشك منها الفيئة ".
ابن جريج عن عطاء، سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عن زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها، فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك، قال:
بل شربت عسلا عند زينب، ولن أعود له. فنزل: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم) إلى قوله: (إن تتوبا فقد صغت قلوبكما) - الآيات من أول سورة التحريم - يعني حفصة وعائشة، قوله: (وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا): قوله: بل شربت عسلا. " أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب إذا حرم طعاما. وفي الطلاق، باب (لم تحرم ما أحل الله لك)، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، وابن سعد في (الطبقات)، والبخاري في التفسير عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا يدخل عليها، فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير، قال: لا، ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش، لن أعود له، وقد حلفت إلا تخبري بذلك أحدا ".
" والمغافير: شراب مصنوع من الصمغ له ريح منكرة. وثمة سبب آخر في نزول الآية: فقد أخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح فيما قاله الحافظ إلى مسروق قال: حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة لا يقرب أمته، وقال: هي علي حرام، فنزلت الكفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله له ".
" وأخرج الضياء المقدس في (المختارة)، من مسند الهيثم بن كليب، ثم من طريق جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: لا تخبري أحدا أن أم إبراهيم علي حرام، قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، فأنزل الله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم)، وأخرج الطبراني في عشرة النساء، وابن مردويه من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية ببيت حفصة، فجاءت فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله في بيتي تفعل هذا معي دون نساءك، فذكر نحوه. وللطبراني من طريق الضحاك، عن ابن عباس قال: دخلت حفصة بيتها، فوجدته صلى الله عليه وسلم يطأ مارية، فعاتبته، فذكر نحوه. قال الحافظ: وهذه طرق يقوي بعضها بعضا، فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا. وقد روى النسائي من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس هذه القصة مختصرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به حفصة وعائشة رضي الله عنها حتى حرمها، فأنزل الله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) ".
ويروى عن عمرة عن عائشة، قالت: يرحم الله زينب، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها، ونطق به القرآن، وإن رسول الله قال لنا: أسرعكن بي لحوقا أطولكن باعا.
فبشرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة.
قال الحافظ الذهبي: وأختها هي حمنة بنت جحش، التي نالت من عائشة في قصة الإفك، فطفقت تحامي عن أختها زينب، وأما زينب فعصمها الله تعالى بورعها، وكانت حمنة زوجة عبد الرحمن ابن عوف. ولها هجرة، وقيل: بل كانت تحت مصعب بن عمير، فقتل عنها، فتزوجها طلحة، فولدت له محمدا، وعمر، وكانت زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها صناع اليد، فكانت تدبغ، وتخرز، وتصدق.
وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلمتزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس، وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة، وكانت صالحة، صوامة، قوامة بارة، ويقال لها: أم المساكين.
سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزيد: اذكرها علي، قال:
فانطلقت، فقلت لها: يا زينب، أبشري، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليها بغير إذن.
" أخرجه مسلم في النكاح، باب زواجزينب بنت جحش ونزول الحجاب، والنسائي في النكاح، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارت ربها ".
ولزينب بنت جحش أحد عشر حديثا، اتفقا لها على حديثين. " البخاري في الجنائز، باب إحداد المرأة على غير زوجها، وفي الفتن، باب يأجوج ومأجوج، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وفي أول الفتن ".
وعن عثمان بن عبد الله الجحشي، قال: باعوا منزل زينب بنت جحش من الوليد بخمسين ألف درهم، حين هدم المسجد. لها ترجمة في: (طبقات ابن سعد): ٨ / ١٠١، ١١٥، (طبقات خليفة):
٣٣٢، (المعارف): 215، 457، 555، (المستدرك): 4 / 27 - 29، (الإستيعاب): 4 / 1849، ترجمة رقم (3355)، (تهذيب التهذيب): 12 / 449، ترجمة رقم (2800)، (الإصابة):
7 / 667 ترجمة رقم (11221)، (خلاصة تذهيب الكمال): 3 / 382، ترجمة رقم 68، (كنز العمال): 13 / 700، (شذرات الذهب): 1 / 10، 31، (صفة الصفوة): 2 / 33، ترجمة رقم (131)، (المواهب اللدنية): 2 / 87، (سير أعلام النبلاء): 2 / 211 - 218، ترجمة رقم (21).