بسم الله الرحمن الرحيم فصل في ذكر ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم إعلم أن اشتقاق لفظ الذرية (على) ثلاثة أقوال، أحدها: أنها مشتقة من ذرأ، قال الكسائي: وذرية الرجل: النشؤ الذين خرجوا منه، وهو من ذروت وذريت، وليس بمهموز، قال أبو عبيدة: أصله مهموز ولكن العرب تركت الهمز فيه وفي آخر وغيره، وهو في مذهب أبي عبيدة من ذرأ الله الخلق، كما قال تعالى: ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس﴾ (١) أي أنشأهم وخلقهم، قال تعالى: ﴿يذرؤكم فيه﴾ (٢) أي يخلقكم، فكأن ذرية الرجل من خلق الله منه ومن نسله، ومن أنشأ من صلبه، وقال ابن فارس في (مقاييسه): قولهم ذرأنا الأرض بذرناها (ذرءا) ذرئ على فعيل، ومن هذا الباب: ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا، خلقهم، وفي التنزيل:
﴿يذرؤكم فيه﴾ (3)، وقال ثعلب: معناه يكثركم فيه، أي في الخلق والذرية، وكان ينبغي أن تكون مهموزة فكثرت فأسقط الهمز.
ثانيها: أنها من الذر الذي هو النمل الصغار، وهذا قول ضعيف.
ثالثها: أنها من ذرأ يذرأ إذا فرق، والقول الأول أصحها، لأن الاشتقاق والمعنى يشهدان له، قال تعالى: (جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه) (3)، وفي الحديث: أعوذ بكلمات الله التامات