إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٦ - الصفحة ٥٣
" أم المؤمنين أم سلمة " (*) وأم سلمة هند - وقيل: رملة، وليس بشئ - بنت أبي أمية، حذيفة ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له سلمة وعمر وزينب ودرة، ثم مات عنها في جمادى الآخرة سنة أربع، فلما انقضت عدتها تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرس بها في شوال منها، ويقال: إنه خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه.
ويقال: إنه قال لها: مري ابنك سلمة بن أبي سلمة يزوجك، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام.
ويقال: إن الذي زوجه إياها عمر بن أبي سلمة، كما رواه " النسائي وأحمد ". وقيل: إن عمر هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه كان هو الخاطب لها. والثابت أن سلمة زوجه إياها.
قال أبو الحسن المدائني، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن حسين بن عبد الله ضمرة - مولى النبي صلى الله عليه وسلم - عن جده، عن علي رضي الله عنه قال:
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة فقالت: من يزوجني ورجالي غيب؟ قال:
ابنك، ويشهد أصحاب النبي، فزوجها ابنها وهو غلام.

* - هي السيدة المحجبة، الطاهرة، هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة ابن مرة، المخزومية، بنت عم خالد بن الوليد، سيف الله، وبنت عم أبي جهل بن هشام.
من المهاجرات الأول، كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، الرجل الصالح، دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة أربع من الهجرة، وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبا، وكانت من آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد، فوجمت لذلك، وغشي عليها، وحزنت عليه كثيرا، لم تلبث بعده إلا يسيرا. وانتقلت إلى رحمة الله.
ولها أولاد صحابيون: عمر، وسلمة، وزينب، ولها جملة أحاديث، روى عنها سعيد بن المسيب، وشقيق بن سلمة، والأسود بن يزيد، والشعبي، وأبو صالح السمان، ومجاهد، ونافع بن جبير بن مطعم، ونافع مولاها، ونافع مولى بن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وشهر بن حوشب، وابن أبي مليكة، وخلق كثير.
عاشت نحوا من تسعين سنة، وكانت تعد من فقهاء الصحابيات.
وأبوها: هو زاد الراكب، أحد الأجواد، قيل: اسمه حذيفة، وقد وهم من سماها: رملة، تلك أم حبيبة. " قال في (اللسان): وأزواد الركب من قريس: أبو أمية بن المغيرة، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية عم عقبة. كانوا إذا سافروا فخرج معهم الناس، فلم يتخذوا زادا معهم ولم يوقدوا، يكفونهم ويغنونهم ".
الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان، عن عبد الملك بن عبيد، عن سعيد بن يربوع، عم عمر بن أبي سلمة، قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي إلى أبي قطن، في المحرم سنة أربع، فغاب تسعا وعشرين ليلة، ثم رجع في صفر، وجرحه الذي أصابه يوم أحد منتقض، فمات منه، لثمان خلون من جمادى الآخرة، وحلت أمي في شوال، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذكره ابن سعد في (الطبقات) "، إلى أن قال:
وتوفيت سنة تسع وخمسين في ذي الحجة.
ابن سعد: أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الأحول، عن زياد بن أبي مريم، قالت أم سلمة لأبي سلمة: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم تزوج إلا جمع الله بينهما في الجنة، فتعال أعاهدك ألا تزوج بعدي، ولا أتزوج بعدك، قال: أتطيعينني؟ قالت: نعم، قال: إذا مت تزوجي، اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني، لا يحزنها ولا يؤذيها.
فلما مات قلت: من خير من أبي سلمة؟ فما لبثت، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على الباب، فذكر الخطبة إلى ابن أخيها، أو ابنها، فقالت: أرد على رسول الله، أو أتقدم عليه بعيالي. ثم جاء الغد فخطب. " رجاله ثقات، وأخرجه ابن سعد في (الطبقات)، وفيه: ثم جاء الغد، فذكر الخطبة، فقلت مثل ذلك، ثم قالت لوليها، إن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوج، فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجها ".
عفان: حدثنا حماد، حدثنا ثابت، حدثني ابن عمر بن أبي سلمة. عن أبيه: أن أم سلمة لما انقضت عدتها، خطبها أبو بكر، فردته، ثم عمر، فردته، فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: مرحبا، أخبر رسول الله أني غيري، وأني مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهدا. فبعث إليها: أما قولك إني مصبية، فإن الله تعالى سوف يكفيك صبيانك، وأما قولك: إني غيري، فسأدعوا الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء، فليس أحد منهم إلا سيرضى بي. قالت يا عمر، قم فزوج رسول الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة، رحيين، وجرتين، ووسادة من أدم حشوها ليف، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها، فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان رسول الله حييا كريما، يستحي فيرجع، فعل ذلك مرارا، ففطن عمار بن ياسر لما تصنع، قال: فأقبل صلى الله عليه وسلم ذات يوم وجاء عمار - وكان أخاها لأمها - فدخل عليها، فانتشلها من حجرها وقال: دعي هذه المقبوحة المشقوحة، التي آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل، فجعل يقلب بصره في البيت يقول: أين زناب؟ ما فعلت زناب؟ قالت: جاء عمار فذهب بها، فبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهله، ثم قال: إن شئت أن أسبع لك سبعت للنساء. " أخرجه ابن سعد في (الطبقات)، وأحمد، والنسائي في النكاح، باب إنكاح الابن لأمه، وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة)، وأخرجه الحاكم في (المستدرك)، ووافقه الذهبي في (التلخيص) ". قولها: غبرى: كثيرة الغبرة، ومصبية: ذات صبيان وأولاد صغار.
أبو سامة، عن الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة، قالت: لما توفي أبو سلمة، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: كيف أقول؟ قال: قولي: اللهم أغفر لنا وله، وأعقبني منه عقبى صالحة، فقلتها، فأعقبني الله محمدا صلى الله عليه وسلم " إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في الجنائز، باب ما يقال عند المريض، وأبو داود في الجنائز، باب ما يستحب أن يقال عند الميت من الكلام، والترمذي في الجنائز، باب ما جاء في تلقين المريض عند الموت والدعاء له عنده والنسائي في الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات، قال: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة، قالت: فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه، محمدا صلى الله عليه وسلم. وقوله: أعقبني، أي بدلني وعوضني منه، أي في مقابلته عقبى حسنة، أي بدلا صالحا ".
إسحاق السلولي: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة، أنه قال لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة، فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة.
" رجاله ثقات ". وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين حلت في شوال سنة أربع، وتوفيت سنة إحدى وستين، رضي الله تعالى عنها، ويبلغ مسندها ثلاث مائة وثمانية وسبعين حديثا. اتفق البخاري ومسلم لها على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر. رضي الله تعالى عن الجميع. لها ترجمة في: (مسند أحمد): ٦ / ٢٨٨، (طبقات ابن سعد): ٨ / ٦٨ - ٦٩، (طبقات خليفة): ٣٤٤، (المعارف): 128 - 136، (الجرح والتعديل): 9 / 464، (المستدرك): 4 / 19 - 22، (الإستيعاب):
4 / 1920 - ترجمة رقم (4111)، (تهذيب التهذيب): 12 / 483، ترجمة رقم (2904) (الإصابة): 8 / 221، ترجمة رقم (12061)، (وخلاصة تذهيب الكمال):، (كنز العمال):
13 / 499، (شذرات الذهب): 1 / 69، (المواهب اللدنية): 2 / 84، (صفة الصفوة): 2 / 29 ترجمة رقم (129)، (سير أعلام النبلاء): 2 / 201.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 55 56 57 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر ذريه رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 فصل في ذكر عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم 13
3 فصل في ذكر سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم 17
4 فصل في ذكر سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم 18
5 نبذة 20
6 فصل في العقب والعقاب 22
7 فصل في ذكر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم 24
8 - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد 24
9 - أم المؤمنين سودة بنت زمعة 31
10 - أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر 35
11 - غزية 44
12 أم المؤمنين حفصة بنت عمر 46
13 أم المؤمنين زينب بنت خزيمة 52
14 أم المؤمنين أم سلمة 53
15 أم المؤمنين زينب بنت جحش 57
16 أم المؤمنين أم حبيبة 63
17 أم المؤمنين جويرية بنت الحارث 82
18 أم المؤمنين صفية بنت حيي 86
19 أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث 89
20 فصل جامع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم 92
21 - أم شريك 97
22 - العالية 97
23 - الكلابية 98
24 أسماء بنت عمرو 99
25 - قتيلة بنت قيس 99
26 - الجونية 100
27 - مليكة بنت كعب 101
28 أم هانئ 102
29 - صفية بنت بشامة 104
30 - ليلى بنت الخطيم 105
31 - خولة بنت الهذيل 106
32 - شراف بنت قطام 106
33 - ضباعة بنت عامر 107
34 الكلبية 108
35 - أمامة بنت الحارث 109
36 - جمرة بنت الحارث 109
37 - درة بنت أبي سلمة 110
38 - أمامة بنت حمزة 110
39 - أم حبيب 111
40 - سناء بنت أسماء بنت الصلت 111
41 فصل في ذكر قوة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجماع 126
42 فصل في ذكر سرارى رسول الله صلى الله عليه وسلم 129
43 - مارية 129
44 - ريحانة 131
45 فصل في ذكر أسلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم 134
46 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 134
47 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 136
48 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 141
49 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 146
50 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب أم المساكين 149
51 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 149
52 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 155
53 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 157
54 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 164
55 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل مارية 171
56 فصل في ذكر أحماء رسول الله صلى الله عليه وسلم 174
57 حمو رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 175
58 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 177
59 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 181
60 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 183
61 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 183
62 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 184
63 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 185
64 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل جويرية 186
65 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل صفية 187
66 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 188
67 فصل في ذكر أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم 189
68 أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 192
69 إخوة خديجة 194
70 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 197
71 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 201
72 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 211
73 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 220
74 - أولاد عم أم سلمة 228
75 - إخوة أم سلمة 251
76 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 254
77 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 256
78 - إخوة أم حبيبة 261
79 - صهره صلى الله عليه وسلم من قبل جويرية 270
80 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 270
81 - أصهاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء أعمامه 275
82 - أصهاره صلى الله عليه وسلم أزواج عماته 278
83 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل بناته 283
84 فصل في ذكر من كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد نسائه 295
85 فصل في ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم 302
86 فصل في ذكر إماء رسول الله صلى الله عليه وسلم 340
87 فصل في ذكر خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم 349
88 فصل في ذكر من كان يلازم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم 352
89 فصل في ذكر الحاجب الذي كان يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم 354
90 فصل في ذكر صاحب طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم 356
91 فصل في ذكر من كان يغمز رسول الله صلى الله عليه وسلم 362
92 فصل في ذكر عدة ممن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم 363
93 فصل في ذكر لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم 366
94 - وأما الكلمة والقلنسوة والقناع 372
95 - وأما القميص 378
96 - وأما الرداء 381
97 - وأما القباء والمفرج 384
98 - وأما البردة 386
99 - وأما الجبة 391
100 - وأما الحلة 395