" أم المؤمنينعائشة بنت أبي بكر " (*) وعائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو
* - هي عائشة أم المؤمنين، بنت الإمام الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، القرشية التيمية، المكية، النبوية، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أفقه نساء الأمة على الإطلاق، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ابن عبد شمس، بن عتاب بن أذينة الكنانية.
هاجر بعائشة أبواها، وتزوجها نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل مهاجره، بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا، وقيل بعامين، ودخل بها في شوال سنة اثنين، منصرفة صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر، وهي ابنة تسع.
روت عنه صلى الله عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه، وعن أبيها، وعن عمر وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمر الأسلمي، وجدامة بنت وهب، رضي الله تعالى عن الجميع، وروى عنها خلق كثير.
بلغ مسند عائشة (٢٢١٠) ألفين ومئتين وعشرة أحاديث، اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربع وسبعين حديثا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين.
وعائشة رضي الله عنها ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول:
لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان بالدين. وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطي.
وكانت امرأة بيضاء جميلة، ومن ثم يقال لها: الحميراء، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها، ولا أحب امرأة حبها، ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقا امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها، وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شئ قدرا، بل تشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهو فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق.
قال الحافظ الذهبي: وأنا واقف في أيتهما أفضل، نعم جزم بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه. " والسرقة بفتح السين والراء والقاف: هي القطعة ". أخرجه أحمد، والبخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، وفي النكاح، باب النظر إلى المرأة قبل التزويج، وفي التعبير، باب كشف المرأة في المنام، وباب ثياب الحرير في المنام، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي، عن ابن أبي حسين، عن ابن مليكة، عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة. حسنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله، ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا. " أخرجه الترمذي في المناقب: باب فضل عائشة رضي الله عنها، ورجاله ثقات. وابن أبي حسين: هو عمر بن سعيد بن حسين النوفلي ".
بشر بن الوليد القاضي: حدثنا عمر بن عبد الرحمن، عن سليمان الشيباني عن علي بن زيد بن جدعان، عن جدته، عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران:
لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني بكرا، وما تزوج بكرا، ولقد قبض ورأسه صلى الله عليه وسلم في حجري، ولقد قبرته في بيتي، ولقد خفت الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه، وإني لابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خلقت طيبة عند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما. " رواه أبو بكر الآجري عند أحمد بن يحيى الحلواني، عنه، وأسناده جيد، إلا أن علي بن زيد بن جدعان ضعيف ".
وكان تزويجه بها إثر وفاة خديجة، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد، ثم دخل بسودة، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة رضي الله عنها في شوال بعد وقعة بدر، فما تزوج بكرا سواها، وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به، بحيث إن عمرو بن العاص - وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة - سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة، قال فمن الرجال؟ قال أبوها. " أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا، وفي المغازي، باب غزوة السلاسل، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر رضي الله عنه.
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان إلا طيبا، وقد قال: لو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل. فأحب صلى الله عليه وسلم أفضل رجل من أمته، وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله. وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته؟
قال حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة، فقلن لها: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فقولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان.
فذكرت أم سلمة له ذلك، فسكت، فلم يرد عليها فعات الثانية، فلم يرد عليها، فلما كانت الثالثة