ذلك كان في غزوة تبوك. والله تعالى أعلم (1).
وقال الواقدي رحمة الله عليه: وكان في تبوك أربعة أشياء، فبينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسير منحدرا إلى المدينة وهو في قيظ شديد، عطش العسكر بعد المرتين الأوليين عطشا شديدا حتى لا يوجد للشفة ماء قليل ولا كثير، فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأرسل أسيد بن الحضير في يوم صائف وهو متلثم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): عسى أن تجد لنا ماءا، فخرج أسيد وهو بين الحجر وتبوك فجعل يضرب في كل وجه، فيجد راوية من ماء امرأة من بلى، فكلمها أسيد فخبرها خبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد وصفت لهم الماء، وبينهم وبين الطريق هنية، فلما جاء أسيد بالماء دعا فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بالبركة ثم قال: هلموا أسقيتكم، فلم يبق معهم شيئا إلا ملأوه، ثم دعا بركابهم وخيولهم فسقوها حتى نهلت (2).
ويقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بما جاء به أسيد فصبه في قعب عظيم من عساس (3) أهل البادية، فأدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه يديه، وغسل وجهه ويديه ورجليه، ثم صلى [ركعتين] (4)، ثم رفع يديه مدا ثم انصرف، وإن العقب ليفور، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للناس: زودوا، فاتسع الماء وانبسط حتى يصف عليه المائة والمائتان فأرووا وإن العقب ليجيش بالرواء، ثم راح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [مبردا] (4) مترويا من الماء.
قال الواقدي: وحدثني أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبي [سهل] (5) عن عكرمة قال: خرجت الخيل في كل وجه يطلبون الماء، فكان أول من طلع به وبخبره صاحب فرس أشقر، ثم الثاني أشقر، ثم الثالث أشقر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
اللهم بارك في الشقر (6).