اللبن حتى روي وروي أخوه وناما، وقام زوجي إلى شارف (1) لنا والله ما أن تبض (2) بقطرة، فلما وقعت يده على ضرعها فإذا هي حافل (3)، فحلب ثم أتاني فقال: والله يا ابنة أبي ذؤيب ما أظن هذه النسمة التي أخذتها إلا مباركة؟ وأخبرني بخبر الشارف وأخبرته بخبر ثديي وما رأيت منهما.
ثم أصبحنا فغدونا، فكنت على أتان قمراء، والله ما أن تلحق الحمر ضعفا، فلما أن وضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها جعلت تتقدم الركب فيقولون: والله إن لأتانك هذه لشأنا.
قالت: فقدمنا بلادنا - بلاد سعد بن بكر - لا نتعرف من الله إلا البركة، حتى إن كان راعينا لينصرف بأغنامنا حفلا وتأتي أغنام قومنا ما أن تبض بقطرة، فيقولون لرعيانهم: ويحكم؟ إرعوا حيث يرعى راعي ابنة أبي ذؤيب، فلم يزل كذلك.
فبينما هما يوما يلعبان في بهم لنا وراء بيوتنا، إذا جاء أخوه يسعى فقال: ذاك أخي القرشي قد قتل، فانطلقت وأبوه فاستقبلنا وهو منتقع اللون، فجعلت أضمه إلي مرة وأبوه مرة ويقول: ما شأنك؟ فيقول: لا أدري، إلا أنه أتاني رجلان فشقا بطني وساطها (4)، فقال أبوه: ما أظن هذا الغلام إلا قد أصيب، فبادري به أهله من قبل أن يتفاقم به الأمر.
عند ذلك لم يكن له همة إلا أن أتيت مكة [فأتيت به أمه، فقلت: أنا ظئر ابني هذا، وقد فصلته، وخشيت أن تقع عليه العاهة فاقبليه، فقالت: مالك زاهدة فيه؟ وقد كنت قبل اليوم تسأليني أن أتركه عندك لعلك خفت على [ابني] (5) الشيطان - أو كلام هذا معناه - ألا أخبرك عني وعنه؟ إني رأيت حيث ولدته