ابن يسار قال: حدثني من كلم قائد الفيل وسائسه قال لهما: أخبراني خبر الفيل.
قالا: أقبلنا وهو فيل الملك النجاشي الأكبر، لم يسر به قط إلى جمع إلا هزمهم، فاخترت أنا وصاحبي هذا لجلدنا وحرفتنا بسياسة الفيل، قال: فلما دنونا من الحرم جعلنا كلما وجهناه إلى الحرم يربض، فتارة نضربه فينهض، وتارة نضربه حين برك ثم نتركه، فلما أتينا إلى المغمس ربض فلم يقم، وطلع العذاب.
فقلت: نجا غيركما؟ قالا: نعم، ليس كلهم أصاب العذاب، وولى أبرهة ومن تبعه يريد بلاده، كلما دخلوا أرضا وقع منه عضو، حتى انتهى إلى بلاد خثعم وليس عليه غير رأسه فمات.
وحدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: أفلت نفيل والحميري. قال الواقدي: وسمعت أنه لما ولى أبرهة مدبرا جعل نفيل يقول:
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب (1) وذكر ابن الكلبي في (الجمهرة) أن ضبة وعمرا وحميسا أبناء أد بن طائحة ابن إلياس بن مضر شهدوا الفيل فهلكوا، وأفلت منهم ستون رجلا، إذا ولد مولود مات منهم رجل.
قال الواقدي: وحدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: لما رد الله الحبشة عن البيت أعظمت قريشا وقالوا: هؤلاء أهل الله كما كفاهم مؤنة عددهم، وجعلوا يقولون في ذلك الأشعار، وخرجت الحبشة يسقطون في كل طريق ويهلكون في كل منهل.
وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط أنامله أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة اتبعتها مدة ودم وقيح، حتى قدموا صنعاء وهو مثل فرخ طير، فمات حين انصدع صدره عن قلبه فيما يقولون (2)