قال: فجمعنا أدما كثيرا، وخرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده حتى جاء عمرو بن أمية الضمري - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه في شأن جعفر وأصحابه - قال: فدخلوا عليه ثم خرجوا من عنده، فقلت لهم: - يعني أصحابه - هذا عمرو بن أمية الضمري، فلو قد دخلت عليه، فقدمنا إليه هداياه فسألته إياه لأعطانيه نقتله، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت حين قتلت رسول محمد.
قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنا نصنع به، فقال: مرحبا بك، هل أهديت لي من بلادك شيئا؟ قلت: نعم، أهديت لك أيها الملك أدما كثيرا، قال:
فقربته إليه فاشتهاه وأعجبه، فقلت: أيها الملك، إني رأيت رجلا خرج من عندك الآن، هو رسول رجل هو عدو لنا فاعطنيه فأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، فغضب الملك ومد يده فضرب الأنف ضربة، ظننت أنه كاسره.
قال فلو انشقت الأرض عند ذلك لدخلت فيها، فقلت: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، قال: أتسألني أن أعطيك رجلا لتقتله، رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى، فقلت: أو كذلك هو؟ قال:
نعم، ثم قال: أطعني واتبعه، فوالله إنه لعلى الحق، وليظهر على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، فقلت له: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام.
ثم خرجت من عنده وقد مال رأيي إلى غيره، فلقيت خالد بن الوليد فقلت:
أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام الميسم، إن الرجل لعلى الحق وأنا أذهب فأسلم، قلت: وأنا أيضا، قال: فقدمنا المدينة فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم خالد فأسلم وبايع، وتقدمت أنا فقلت: وأنا أبايع، وذكرت ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما استأخر، فقال: بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها، فبايعته.
ولأبي نعيم من طريق إسحاق بن راهويه قال: حدثنا النضر بن شميل، حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: استأذن جعفر بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم