لم يسمع من عبد الله، إنما ورد: (فامضوا [إلى ذكر الله (١)]) عن عمر رضي الله عنه وحده، فإذا انفرد واحد بما يخالف الأمة والجماعة كان ذلك نسيانا منه، ويدل على ذلك أن الصحف التي كتبها أبو بكر رضي الله عنه ونسخ منها مصحف عثمان كانت عند عمر مكتوبا فيها (فاسعوا)، وهي أمامه، وهو أرضى الناس بما فيها لنفسه وللمسلمين، فلو علم وقت قوله: (فامضوا)، أن المصحف فيها:
(فاسعوا) ما استجار الخلاف لها، ولرجع إلى ما فيها، لكنه غلب عليه نسيان البشر، وطبع الآدميين، وإنما كتب القرآن في المصاحف ليحفظ على الناس، ويرجع إليه الناسي، ويوقف بما فيه على غلط الغالط وتغيير المغير، وليس من آدمي يسلم من النسيان والغفلة.
وذكر ما نقل من قراءة عبد الله بن عياش رضي الله عنه: (والشمس تجري لا مستقر لها)، ثم قال: هذا باطل مردود على من نقله، لأن أبا عمرو روى عن مجاهد عن ابن عياش، وابن كثير روى عن مجاهد عن ابن عياش: ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾ (٢) فهذان السندان عن ابن عياش اللذان [يشهد] (١) بصحتهما الإجماع ببطلان ما ورد بالسند الضعيف مما يخالف مذهب الجماعة وما اتفقت عليه الأمة.
وذكر ما نقل عن ابن عباس أنه قرأ: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج)، ثم قال أبو عمرو وابن كثير: سنديهما المنضم إليهما الإجماع عن ابن عباس ﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات﴾ (3)، فأبطل هذان الإسنادان غيرهما، وحمل الحديث الآخر على أن ابن عباس قال: (في مواسم الحج) مفسرا لمعنى القرآن، فحمل التفسير بعض الناقلين على أنه من القرآن فأدخله فيه غالطا أو غافلا.
وهذا بمنزلة حديث سفيان عن عمرو عن ابن عباس أنه قرأ: (يا حسرة للعباد)، وبمنزلة حديث سفيان عن عمرو عن ابن عباس، أنه قرأ، (وإن عزموا السراح)، قال: فالسراح تفسير الطلاق، غلط فيه بعض الناقلين. ومثله حديث مالك عن عبد الله بن دينا، عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه قرأ: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن)، قال: فما يحمل ذا إلا على أن ابن عمر