وقال الكسائي: لو قرأت على قياس العربية لقرأت ﴿كبره﴾ (1) برفع الكاف، لأنه أراد عظمه، لكنني قرأت على الأثر. وقال يحيى بن آدم: أخبرنا أبو بكر بن عياش بحروف عاصم في القراءات وقال: سألته عنها حرفا حرفا، فحدثني بها ثم قال: أقرأنيها عاصم كما حدثتك بها حرفا حرفا، فتعلمتها منه بعد أن اختلفت إليه نحوا من ثلاث سنين، كل غداة في البرد والأمطار، حتى إني لأستحيي من أهل مسجد بني كاهل في الصيف والشتاء، وأعملت نفسي [فيه] (2) سنة بعد سنة، فلما قرأت عليه قال لي: إحمد الله فإنك قد جئت وما تحسن شيئا، فتعلمت القرآن من عاصم كما يتعلم الغلام في الكتاب ما أحسن غير قراءته.
وقال أبو عبيد بن القاسم بن سلام: ما يروى من الحروف التي تخالف المصحف الذي عليه الإجماع من الحروف التي تعرف أسانيدها الخاصة دون العامة، مما نقلوا فيه عن أبي بن كعب: (وما كان ليهلكها إلا بذنوب أهلها)، وعن ابن عباس:
(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج).
ومما يحكون عن عمر رضي الله عنه: أنه قرأ: (غير المغضوب عليهم وضر الضالين)، مع نظائر لهذه الحروف كثيرة لم ينقلها أهل العلم، على أن الصلاة بها تحل، ولا على أنها معارض بها مصحف عثمان رضي الله عنه، لأنها حروف، لو جحد جاحد ألفا من القرآن لم يكن كافرا. والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له، لو أنكر بعضه منكر كان كافرا، حكمه حكم المرتد، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري - وقد ذكر ما ينقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ: (والعصر * ونوائب الدهر * إن الإنسان لفي خسر) -: قول أبي بكر بن عياش، قال لي عاصم بن أبي النجود: ما أقرأني أحد من الناس حرفا إلا أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الرحمن قرأ على علي رضي الله عنه، وكنت أرجع من عند أبي عبد الرحمن فأعرض على زر بن حبيش، وزر بن حبيش قرأ على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.