وأما ابن محيصن فلم تشتهر الرواة عنه اشتهارهم عن يعقوب، لأن يعقوب اشتهر عنه تسعة رجال، رويس، وروح، والوليد بن حسان، وأبو الوليد بن حسان، وأبو أيوب الذهبي، ومحمد بن عبد الخالق، وأبو حاتم السجستاني، وفضل بن أحمد، وأبو المهلب عامر بن عبد [الأعلى] (1) الدلالة. وأبو علي يزيد بن أحمد ابن إسحاق الحضرمي هو ابن أخي يعقوب. وهكذا اشتهر عن كل واحد من هؤلاء الرواة عن يعقوب جماعة، فقراءته أقرب للسبعة.
وأما قتيبة بن مهران الأذاذاني الأصبهاني - صاحب الإمالة - فإن له إمالات عجيبة، من أجلها عرف بالممال، فإنه انتهت إليه رئاسة الإقراء بأصبهان، وكان رفيق الدوري، أبي الحرث، وقرأ على الكسائي، ونقل عنه، وربما قال: حدثنا فلان عنه، فحكمه حكم محيصن وأضرابه، وإنما جرى في هؤلاء السبعة نوع مما جرى في الفقهاء الأربعة أرباب المذاهب، فقد غلب على أكثر الناس اعتقاد أن لا مذهب إلا لهؤلاء الأربعة فقط، وقياس قول هؤلاء أن يكون ما قرأه علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، ومن بعدهم مثل الحسن البصري، والأعمش، وغيرهم، ممن يطول تعداده، ليس بقرآن، والشأن إنما هو فيما صح الاستناد به، وتواتر سليما من معرة اللحن والخطأ والتصحيف ونحو ذلك.
وليس لنا فتح باب نطعن به على سادات السلف من الصحابة والتابعين، وإن كنا نقول: أنه يحرم القراءة بالشواذ التي هي ليست من متن القرآن، ولا تواترت تواتره، وإنما يوجد في كتب القراءات والتفاسير أن فلانا قرأ بها بتلك الأسانيد المفصلة، التي لا نظم لها ولا أزمة (2)، وهذه بواطيل وتحرم القراءة بها، وليست من قبيل ما كنا فيه، أولا، كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
والبلية كلها غلبة الجهل، وتقليد الآباء والمشيخة، والاكتفاء بما حضر وعرف عند أهل البلد فقط، ولذلك ظن غالب الناس أن لا سبعة إلا هذه التي في الشاطبية ونحوها، كما هو ظن الغالب أن الفقهاء الأربعة ما عدا مذهبهم باطل، ويلزم القول بذلك: إبطال ديانة سفيان [الثوري]، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك،