أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما إذا [غزا] (١) واحد منهما بجيوشه عرفهم ما وعد الله من إظهار دينه ليثقوا بالنصر، وليستيقنوا بالنجح، فلم يزل الفتح يتوالى شرقا وغربا، برا وبحرا.
وقال تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ (٢)، وقال: ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين﴾ (٣)، وقال: ﴿وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم﴾ (٤)، وقال: ﴿ألم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون﴾ (٥)، فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين، أو من أوقفه الله رب العالمين عليها، فدل على أن الله تعالى قد أوقف عليها رسوله، ليكون دلالة على صدقه.
ثامنها: ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وسائر الأحكام.
تاسعها: الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من أمي.
عاشرها: التناسب في جميع ما تضمنه ظاهرا وباطنا من غير اختلاف، قال الله تعالى: ﴿ولو كان من عند غير الله لو جدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (٦)، وذلك أن الكفار لما طعنوا في القرآن وقالوا: ليس هو من عند الله، وإنما هو من كلام محمد أو ﴿أساطير الأولين اكتتبها﴾ (7) [ولما] (8) لم يكن لهم على ذلك برهان أكثر من التهمة المجردة، بين الله بطلان دعواهم بهذه الملازمة المذكورة وتقديرها:
لو كان القرآن من عند غير الله لوقع الاختلاف فيه، لكن لم يقع الاختلاف فيه فليس من عند غير الله، فوقوع الاختلاف فيه لازم لكونه من عند غير الله،