صبورا، وكان عبد الملك سائسا، وكان الوليد جبارا، وأنا الملك الشاب. قالوا: فما حال عليه بعد ذلك شهر، وفي رواية جمعة، حتى مات. قالوا: ولما حم شرع يتوضأ فدعا بجارية فصبت عليه ماء الوضوء ثم أنشدته:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى * غير أن لا بقاء للانسان (1) أنت خلو من العيوب ومما * يكره الناس غير أنك فان (2) قالوا: صاح بها وقال: عزتني في نفسي، ثم أمر خاله الوليد بن العباس القعقاع العنسي (3) أن يصب عليه وقال:
قرب وضوءك يا وليد فإنما * دنياك هذي بلغة ومتاع فاعمل لنفسك في حياتك صالحا * فالدهر فيه فرقة وجماع ويروى أن الجارية لما جاءته بالطست جعلت تضطرب من الحمى، فقال: أين فلانة؟
فقالت: محمومة، قال: ففلانة؟ قالت: محمومة، وكان بمرج دابق من أرض قنسرين، فأمر خاله فوضأه ثم خرج يصلي بالناس فأخذته بحة في الخطبة، ثم نزل وقد أصابته الحمى فمات في الجمعة المقبلة، ويقال: إنه أصابه ذات الجنب فمات بها رحمه الله.
وكان قد أقسم أنه لا يبرح بمرج دابق حتى يرجع إليه الخبر بفتح القسطنطينية، أو يموت قبل ذلك، فمات قبل ذلك رحمه الله وأكرم مثواه، قالوا: وجعل يلهج في مرضه ويقول:
إن بني صغار * أفلح من كان له كبار فيقول له عمر بن عبد العزيز: قد أفلح المؤمنون يا أمير المؤمنين، ثم يقول:
إن بني صبية صيفيون * قد أفلح من كان له ربعيون ويروى أن هذا آخر ما تكلم به، والصحيح أن آخر ما تكلم به أن قال: أسألك منقلبا كريما، ثم قضى. وروى ابن جرير عن رجاء بن حياة - وكان وزير صدق لبني أمية - قال: استشارني