زمن إبراهيم كما قدمناه في قصته، وأورد حديث ابن عباس المتقدم في صحيح البخاري وذكر ما ورد من الإسرائيليات في بنائه في زمن آدم ولا يصح ذلك، فإن ظاهر القرآن يقتضي أن إبراهيم أول من بناه مبتدئا وأول من أسسه، وكانت بقعته معظمة قبل ذلك معتنى بها مشرفة في سائر الأعصار والأوقات قال الله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران: 96 - 97] وثبت في الصحيحين (1) عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال: " المسجد الحرام " قلت ثم أي؟ قال: " المسجد الأقصى " قلت كم بينهما؟ قال: " أربعون سنة " وقد تكلمنا على هذا فيما تقدم، وإن المسجد الأقصى أسسه إسرائيل وهو يعقب عليه السلام. وفي الصحيحين أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة. وقال البيهقي (2) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله الصفار حدثنا أحمد بن مهران حدثنا عبيد الله [بن موسى] حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، قال: كان البيت قبل الأرض بألفي سنة، (وإذا الأرض مدت) [الانشقاق: 3] قال من تحته مدت. قال وقد تابعه منصور عن مجاهد.
قلت: وهذا غريب جدا وكأنه من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك وكان فيهما إسرائيليات يحدث منها وفيهما منكرات وغرائب.
ثم قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن محمد (3) بن عبد الله البغدادي حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا أبو صالح الجهني حدثني ابن لهيعة عن يزيد بن (4) أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما ابنيا لي بيتا، فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل، حتى أجابه الماء نودي من تحته حسبك يا آدم، فلما بنيا أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به وقيل له أنت أول الناس، وهذا أول بيت، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه ".
قال البيهقي: تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا.