فعندكم منه بلاء مصدق * غداة أبي يكسوم هادي الكتائب كتيبته بالسهل تمشي ورجله * على القاذفات في رؤوس المناقب فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم * جنود المليك بين ساف وحاصب (1) قولوا سراعا هاربين ولم يؤب * إلى أهله ملحبش غير عصائب (2) ومن ذلك قول عبيد الله بن قيس الرقيات في عظمة البيت وحمايته بهلاك من أراده بسوء:
كاده الأشرم الذي جاء بالفيل * فولى وجيشه مهزوم واستهلت عليهم الطير بالجندل * حتى كأنه مرجوم ذاك من يغزه من الناس يرجع * وهو فل من الجيوش ذميم قال ابن إسحاق: وغيره فلما هلك أبرهة ملك الحبشة (3) بعده ابنه يكسوم. ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة وهو آخر ملوكهم. وهو الذي انتزع سيف بن ذي يزن الحميري الملك من يده بالجيش الذين قدم بهم من عند كسرى أنو شروان كما سيأتي بيانه.
وكانت قصة الفيل في المحرم سنة ست وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين وهو الثاني إسكندر بن فلبس المقدوني الذي يؤرخ له الروم. ولما هلك أبرهة وابناه وزال ملك الحبشة عن اليمن هجر القليس الذي كان بناه أبرهة وأراد صرف حج العرب إليه لجهله وقلة عقله. وأصبح يبابا لا أنيس به. وكان قد بناه على صنمين وهما كعيب وامرأته وكانا من خشب طول كل منهما ستون ذراعا في السماء وكانا مصحوبين من الجان ولهذا كان لا يتعرض أحد إلى أخذ شئ من بناء القليس وأمتعته إلا أصابوه بسوء. فلم يزل كذلك إلى أيام السفاح أول خلفاء بني العباس فذكر له أمره وما فيه من الأمتعة والرخام الذي كان أبرهة نقله إليه من صرح بلقيس الذي كان باليمن فبعث إليه من خربه حجرا حجرا وأخذ جميع ما فيه من الأمتعة والحواصل هكذا ذكره السهيلي والله أعلم.
خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن قال محمد بن إسحاق رحمه الله: فلما هلك أبرهة ملك الحبشة يكسوم بن أبرهة وبه كان يكنى فلما هلك يكسوم ملك اليمن من الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة. قال: فلما طال البلاء على أهل اليمن (4) خرج سيف بن ذي يزن الحميري وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن