وذهبوا قال فذلك قوله: (ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). قال أصبغ وبلغني عن غيره: أنها مكثت سنة تأكل في منسأته حتى خر وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف وغيرهم والله أعلم.
قال إسحاق بن بشر، عن محمد ابن إسحاق، عن الزهري وغيره أن سليمان عليه السلام عاش ثنتين (1) وخمسين سنة وكان ملكه أربعين سنة وقال إسحاق أنبأنا أبو روق عن عكرمة عن ابن عباس أن ملكه كان عشرين سنة والله أعلم وقال ابن جرير: فكان جميع عمر سليمان بن داود عليهما السلام نيفا وخمسين سنة.
وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر. ثم ملك بعده ابنه رحبعام (2) مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير وقال: ثم تفرقت بعده مملكة بني إسرائيل.
[باب ذكر] (3) جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد داود وسليمان وقبل زكريا ويحيى عليهم السلام فمنهم شعيا بن أمصيا قال محمد بن إسحاق وكان قبل زكريا ويحيى، وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهما السلام وكان في زمانه ملك اسمه حزقيا (4) على بني إسرائيل ببلاد بيت المقدس وكان سامعا مطيعا لشعيا فيما يأمره به وينهاه عنه من المصالح، وكانت الاحداث قد عظمت في بني إسرائيل فمرض الملك، وخرجت في رجله قرحة. وقصد بيت المقدس ملك بابل في ذلك الزمان وهو سنحاريب قال ابن إسحاق في ستمائة ألف راية وفزع الناس فزعا عظيما شديدا وقال الملك للنبي شعيا: ماذا أوحى الله إليك في أمر سنحاريب وجنوده فقال لم يوح إلي فيهم شئ بعد. ثم نزل عليه الوحي بالامر للملك حزقيا بأن يوصي ويستخلف على ملكه من يشاء فإنه قد اقترب أجله فلما أخبره بذلك أقبل الملك على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكل وصبر: " اللهم رب الأرباب وإله الآلهة [القدوس المتقدس] (5) يا رحمن يا رحيم [المترحم