والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. ثم رجح ابن إسحاق أن قائل ذلك أبو وهب بن عمرو - قال وكان خال أبي النبي صلى الله عليه وسلم وكان شريفا ممدحا.
وقال ابن إسحاق: ثم إن قريشا تجزأت الكعبة. فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة، وما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم (1) وقبائل من قريش انضموا إليهم. وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم (2). وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن عبد العزى ولبني عدي بن كعب، وهو الحطيم (3). ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه. فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول: اللهم لم ترع اللهم إنا لا نريد إلا الخير. ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة، وقالوا: ننظر فإن أصيب لم تهدم منها شيئا ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شئ، فقد رضي الله ما صنعنا من هدمها. فأصبح الوليد غاديا على عمله، فهدم وهدم الناس معه - حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم عليه السلام - أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة (4) أخذ بعضها بعضا - ووقع في صحيح البخاري عن يزيد بن رومان كأسنمة الإبل - قال السهيلي وأرى رواية السيرة كالألسنة وهما والله أعلم.
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلا (5) من قريش ممن كان يهدمها ادخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما، فلما تحرك الحجر انتفضت مكة بأسرها. فانتهوا عن ذلك الأساس.
وقال موسى بن عقبة: وزعم عبد الله بن عباس أن أولية قريش كانوا يحدثون أن رجلا (6) من قريش لما اجتمعوا لينزعوا الحجارة [وانتهوا] إلى تأسيس إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام عمد رجل منهم إلى حجر من الأساس الأول فرفعه وهو لا يدري أنه من الأساس الأول، فأبصر