رجل يقال له سنمار في عشرين سنة (1) ولم ير بناء أعجب منه فخشي النعمان أن يبني لغيره مثله فألقاه من أعلاه فقتله ففي ذلك يقول الشاعر:
جزاني جزاه الله شر جزائه * جزاء سنمار وما كان ذا ذنب سوى رضفه البنيان عشرين حجة * يعد عليه بالقرامد والسكب (2) فلما انتهى البنيان يوما تمامه * وآض كمثل الطود والباذخ الصعب (3) رمى بسنمار على حق رأسه * وذاك لعمر الله من أقبح الخطب (4) قال السهيلي: أنشده الجاحظ في كتاب الحيوان. والسنمار من أسماء القمر.
والمقصود أن هذه البيوت كلها هدمت لما جاء الاسلام جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كل بيت من هذه سرايا تخربه، وإلى تلك الأصنام من كسرها، حتى لم يبق للكعبة ما يضاهيها، وعبد الله وحده لا شريك له. كما سيأتي بيانه وتفصيله في مواضعه إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
خبر عدنان جد عرب الحجاز لا خلاف أن عدنان من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام واختلفوا في عدة الآباء بينه وبين إسماعيل. على أقوال كثيرة فأكثر ما قيل أربعون أبا وهو الموجود عند أهل الكتاب أخذوه من كتاب رخيا كاتب أرميا بن حلقيا على ما سنذكره وقيل بينهما ثلاثون وقيل عشرون وقيل خمسة عشر وقيل عشرة وقيل تسعة وقيل سبعة وقيل إن أقل ما قيل في ذلك أربعة لما رواه موسى بن يعقوب عن عبد الله بن وهب بن زمعة الزمعي عن عمته عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" معد بن عدنان بن أدد بن زند بن اليرى بن أعراق الثرى ". قالت: أم سلمة فزند هو الهميسع واليرى هو نابت وإعراق الثرى هو إسماعيل لأنه ابن إبراهيم وإبراهيم لم تأكله النار كما أن النار لا تأكل الثرى. قال الدارقطني: لا نعرف زندا إلا في هذا الحديث وزند بن الجون وهو أبو دلامة الشاعر:
قال الحافظ أبو القاسم السهيلي وغيره من الأئمة: مدة ما بين عدنان إلى زمن إسماعيل أكثر من أن يكون بينهما أربعة آباء أو عشرة أو عشرون وذلك أن معد بن عدنان كان عمره زمن بخت نصر ثنتي عشرة سنة. وقد ذكر أبو جعفر الطبري وغيره أن الله تعالى أوحى في ذلك الزمان إلى أرمياء بن حلقيا أن اذهب إلى بخت نصر فأعلمه أني قد سلطته على العرب وأمر الله أرميا أن يحمل