قصة الساطرون صاحب الحضر وقد ذكر قصته هاهنا عبد الملك بن هشام لأجل ما قاله بعض علماء النسب: إن النعمان بن المنذر الذي تقدم ذكره في ورود سيف بن ذي يزن عليه وسؤاله في مساعدته في رد ملك اليمن إليه إنه من سلالة الساطرون صاحب الحضر وقد قدمنا عن ابن إسحاق أن النعمان بن المنذر من ذرية ربيعة بن نصر (1) وأنه روي عن جبير بن مطعم أنه من أشلاء فيصر (2) بن معد بن عدنان فهذه ثلاثة أقوال في نسبه فاستطرد ابن هشام في ذكر صاحب الحضر. والحضر حصن عظيم بناه هذا الملك وهو الساطرون على حافة الفرات وهو منيف مرتفع البناء، واسع الرحبة والفناء، دوره بقدر مدينة عظيمة وهو في غاية الاحكام والبهاء والحسن والسناء، وإليه يجبى ما حوله من الأقطار والأرجاء.
واسم الساطرون الضيزن بن معاوية بن عبيد بن أجرم من بني سليح بن حلوان بن الحاف بن قضاعة كذا نسبه ابن الكلبي. وقال غيره: كان من الجرامقة وكان أحد ملوك الطوائف وكان يقدمهم إذا اجتمعوا لحرب عدو من غيرهم وكان حصنه بين دجلة والفرات (3).
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا الساطرون ملك الحضر وقال غير (4) ابن هشام: إنما الذي غزا صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان أذل ملوك الطوائف ورد الملك إلى الأكاسرة. وأما سابور ذو الأكتاف بن هرمز فبعد ذلك بدهر طويل والله أعلم ذكره السهيلي.
قال ابن هشام: فحضره سنتين - وقال غيره أربع سنين (5)، وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته بأرض العراق - فأشرفت بنت الساطرون (6) وكان اسمها النضيرة فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلا، فدست إليه: أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر؟ فقال: نعم! فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر،