شعيب عن أبيه عن جده كما تقدم وقيل بعد الفيل بثلاثين سنة. قاله موسى بن عقبة عن الزهري رحمه الله. واختاره موسى بن عقبة أيضا رحمه الله. وقال أبو زكريا العجلاني: بعد الفيل بأربعين عاما، رواه ابن عساكر وهذا غريب جدا، وأغرب منه ما قال خليفة بن خياط حدثني شعيب بن حبان عن عبد الواحد بن أبي عمرو عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفيل بخمس عشرة سنة وهذا حديث غريب ومنكر وضعيف أيضا، قال خليفة بن خياط والمجتمع عليه أنه عليه السلام ولد عام الفيل.
صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام قد تقدم أن عبد المطلب لما ذبح تلك الإبل المائة عن ولده عبد الله حين كان نذر ذبحه فسلمه الله تعالى لما كان قدر في الأزل من ظهور النبي الأمي صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وسيد ولد آدم من صلبه، فذهب كما تقدم فزوجه أشرف عقيلة في قريش آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية، فحين دخل بها وأفضى إليها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أم قتال رقيقة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل توسمت ما كان بين عيني عبد الله قبل أن يجامع آمنة من النور، فودت أن يكون ذلك متصلا بها لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أزف زمانه فعرضت نفسها عليه. قال بعضهم ليتزوجها وهو أظهر والله أعلم، فامتنع عليها فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها كأنه تندم على ما كانت عرضت عليه. فتعرض لها لتعاوده.
فقالت لا حاجة لي فيك وتأسفت على ما فاتها من ذلك وأنشدت في ذلك ما قدمناه من الشعر الفصيح البليغ. وهذه الصيانة لعبد الله ليست له وإنما هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كما قال تعالى:
(الله أعلم حيث يجعل رسالاته) وقد تقدم الحديث المروي من طريق جيد أنه قال عليه الصلاة والسلام: " ولدت من نكاح لا من سفاح ".
والمقصود أن أمه حين حملت به توفي أبوه عبد الله وهو حمل في بطن أمه على المشهور. قال محمد بن سعد حدثنا محمد بن عمر - هو الواقدي - حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي. وحدثنا سعيد بن أبي زيد عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة. قال: خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة في عير من عيران قريش يحملونه تجارات، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض، فقال أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضا شهرا ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن ابنه عبد الله فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض. فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث.
فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع إلى أبيه فأخبره، فوجد عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته وجدا شديدا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حمل. ولعبد الله بن عبد المطلب يوم توفي خمس وعشرون سنة