قد ذكر ابن إسحاق هاهنا أشعارا للعرب فيما وقع من هذه الكائنة الغريبة وفيها فصاحة وحلاوة وبلاغة وطلاوة ولكن تركنا إيرادها خشية الإطالة وخوف الملالة وبالله المستعان.
خروج أبرهة الأشرم على أرياط واختلافهما قال ابن إسحاق: فأقام أرياط بأرض اليمن سنين (1) في سلطانه ذلك ثم نازعه أبرهة [الحبشي - وكان في جنده] حتى تفرقت الحبشة عليهما. فانحاز إلى كل منهما طائفة [منهم] ثم سار أحدهما إلى الآخر. فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط: إنك لن تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا شيئا، فأبرز لي وأبرز لك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأرسل إليه أرياط أنصفت، فخرج إليه أبرهة، وكان رجلا قصيرا لحميا [حادرا] (2) وكان ذا دين في النصرانية وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا وفي يده حربة له.
وخلف أبرهة غلام - يقال له عتودة - يمنع ظهره. فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه.
فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته فبذلك سمي أبرهة الأشرم.
وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله (3)، وانصرف جند أرياط إلى أبرهة.
فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة أرياط. فلما بلغ ذلك النجاشي ملك الحبشة الذي بعثهم إلى اليمن غضب غضبا شديدا على أبرهة وقال عدا على أميري فقتله بغير أمري ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فحلق أبرهة رأسه وملا جرابا من تراب اليمن ثم بعث به إلى النجاشي ثم كتب إليه: أيها الملك إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك وكل طاعته لك إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة واضبط لها وأسوس منه. وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدمه فيبر قسمه في. فلما انتهى ذلك