ولأرقلت بها إرقال العجل. ثم يقول:
يا ليتني شاهدا نجواء دعوته * حين العشيرة تبغي الحق خذلانا قال وكان بين موت كعب بن لؤي ومبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة عام وستون سنة.
تجديد حفر زمزم على يدي عبد المطلب بن هاشم التي كان قد درس رسمها بعد طم جرهم لها إلى زمانه.
قال محمد بن إسحاق: ثم إن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر وكان أول ما ابتدى به عبد المطلب من حفرها كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله المزني عن عبد الله بن رزين الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها. قال قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال لي احفر طببة. قال قلت وما طيبة؟ قال ثم ذهب عني قال فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فجاءني فقال احفر برة.
قال قلت وما برة؟ قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فجاءني فقال احفر المضنونة قال قلت وما المضنونة؟ قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني قال احفر زمزم. قال قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل. قال: فلما بين لي شأنها ودل على موضعها وعزف أنه قد صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب وليس له يومئذ ولد غيره فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطمي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته.
فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها.
قال: ما أنا بفاعل إن هذا الامر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم قالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني سعد بن هذيم قال: نعم وكانت بإشراف الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أمية وركب من كل قبيلة من قريش نفر فخرجوا والأرض إذ ذاك مفاوز حتى إذا كانوا ببعضها نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم فأبوا عليهم وقالوا إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم فقال عبد المطلب إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم الآن من القوة فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخرهم رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعه. فقالوا: نعما أمرت به فحفر كل رجل لنفسه حفرة ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشى ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه ألقينا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب في الأرض لا نبتغي لأنفسنا لعجز فعسى أن يرزقنا ماء ببعض البلاد فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستسقوا حتى ملأوا أسقيتهم ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال فقال هلموا إلى الماء فقد سقانا الله فجاؤوا فشربوا واستقوا