قال (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم " فقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وسيأتي أنه عليه الصلاة والسلام أطلق لهم الذرية وكانت ستة آلاف ما بين صبي وامرأة، وأعطاهم أنعاما وأناسي كثيرا. حتى قال أبو الحسين بن فارس فكان قيمة ما أطلق لهم يومئذ خمسمائة ألف ألف درهم. فهذا كله من بركته العاجلة في الدنيا، فكيف ببركته على من اتبعه في الدار الآخرة.
فصل قال ابن إسحاق: بعد ذكر رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى أمه آمنة بعد رضاعة حليمة له. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب، وجده عبد المطلب في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته فلما بلغ ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفيت وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم. فماتت وهي راجعة به إلى مكة (2). وذكر الواقدي بأسانيده أن النبي صلى الله عليه وسلم خرجت به أمه إلى المدينة ومعها أم أيمن وله ست سنين، فزارت أخواله.
قالت أم أيمن فجاءني ذات يوم رجلان من يهود المدينة فقالا لي أخرجي إلينا أحمد ننظر إليه، فنظر إليه وقلباه فقال أحدهما لصاحبه هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته، وسيكون بها من القتل والسبي أمر عظيم. فلما سمعت أمه خافت وانصرفت به، فماتت بالأبواء وهي راجعة. وقد قال الإمام أحمد (3) حدثنا حسين بن محمد حدثنا أيوب بن جابر عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بودان قال: " مكانكم حتى آتيكم " فانطلق ثم جاءنا وهو ثقيل، فقال: " إني أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة - يعني لها - فمنعنيها، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام فكلوا وأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن الأشربة في هذه الأوعية فاشربوا ما بدا لكم " وقد رواه البيهقي (4) من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد (5) عن سليمان بن بريدة