يدري أهذا الذي عزم عليه مقدر أم لا، وليس هذا الاستثناء تعليقا وإنما هو الحقيقي ولهذا قال ابن عباس يصح إلى سنة ولكن قد يكون في بعض المحال لهذا ولهذا كما تقدم في قصة سليمان عليه السلام حين قال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل واحدة منه غلاما يقاتل في سبيل الله فقيل له. قال: إن شاء الله، فلم يقل، فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته " (1). وقوله:
(واذكر ربك إذا نسيت) وذلك لان النسيان قد يكون من الشيطان، فذكر الله يطرده عن القلب فيذكر ما كان قد نسيه. وقوله: (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) أي إذا اشتبه أمر، وأشكل حال، والتبس أقوال الناس في شئ فارغب إلى الله ييسره لك ويسهله عليك ثم قال: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا). لما كان في الاخبار بطول مدة لبثهم فائدة عظيمة ذكرها تعالى وهذه التسع المزيدة بالقمرية وهي لتكميل ثلاثمائة شمسية فإن كل مائة قمرية تنقص عن الشمسية ثلاث سنين (قال الله أعلم بما لبثوا) أي إذا سئلت عن مثل هذا وليس عندك في ذلك نقل فرد الامر في ذلك إلى الله عز وجل (له غيب السماوات والأرض) أي هو العالم بالغيب فلا يطلع عليه إلا من شاء من خلقه (أبصر به واسمع) يعني أنه يضع الأشياء في محالها لعلمه التام بخلقه وبما يستحقونه ثم قال: (ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا) أي ربك المنفرد بالملك والمنصرف وحده لا شريك له.
قصة الرجلين المؤمن والكافر قال الله تعالى في سورة الكهف بعد قصة أهل الكهف: (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا - إلى قوله - هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا) [الكهف: 32 - 44]. قال بعض الناس هذا مثل مضروب ولا يلزم أن يكون واقعا والجمهور أنه أمر قد وقع وقوله: (واضرب لهم مثلا) يعني لكفار قريش في عدم اجتماعهم بالضعفاء والفقراء وازدرائهم بهم وافتخارهم عليهم كما قال تعالى: (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون) [يس: 13] كما قدمنا الكلام على قصتهم قبل قصة موسى عليه السلام والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا (2) ويقال إنه كان لكل