" وآدم منجدل في طينته ". وروى عن البغوي أيضا عن أحمد بن المقدام عن بقية بن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي هريرة - مرفوعا - في قول الله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث " ومن حديث أبي مزاحم عن قيس بن الربيع عن جابر عن الشعبي عن ابن عباس قيل يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: " وآدم بين الروح والجسد ".
وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع، إذ كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما بعض ذكر أموره ولا يلقى العرب لذلك فيه بالا. حتى بعثه الله تعالى، ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها، فلما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضر زمان مبعثه حجبت الشياطين عن السمع، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تعقد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم فعرفت الشياطين أن ذلك لأمر حدث من أمر الله عز وجل. قال (1) وفي ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا) إلى آخر السورة. وقد ذكرنا تفسير ذلك كله في كتابنا التفسير، وكذا قوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن، فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) الآيات، ذكرنا تفسير ذلك كله هناك.
قال محمد بن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها - هذا الحي من ثقيف - وإنهم جاؤوا إلى رجل منهم يقال له عمرو بن أمية أحد بني علاج وكان أدهى العرب وأمكرها (2)، فقالوا له يا عمرو ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم؟ قال بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدي بها في البر والبحر ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء، لما يصلح الناس في معايشهم هي التي يرمى بها، فهو والله طي الدنيا، وهلاك هذا الخلق وإن كانت نجوما غيرها وهي ثابتة على حالها فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فما هو؟.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن امرأة من بني سهم - يقال لها الغيطلة (3) -