والطائف وترك الاسلام. ثم ذكر قصة الطيرين وقصة وفاته كما تقدم وأنشد شعره عند الوفاة:
كل عيش وإن تطاول دهرا * صائر مرة إلى أن يزولا ليتني كنت قبل ما قد بدا لي * في قلال الجبال أرعى الوعولا فاجعل الموت نصب عينيك واحذر * غولة الدهر إن للدهر غولا نائلا ظفرها القساور والصدعان * والطفل في المنار الشكيلا وبغاث النياف واليعفر النافر * والعوهج البرام الضئيلا فقوله: القساور جمع قسورة وهو الأسد. والصدعان ثيران الوحش واحدها صدع والطفل الشكل من حمرة العين، والبغاث الرخم، والنياف الجبال، واليعفر الظبي، والعوهج ولد النعامة. يعني أن الموت لا ينجو منه الوحوش في البراري ولا الرخم الساكنة في رؤوس الجبال ولا يترك صغيرا لصغره ولا كبيرا لكبره. وقد تكلم الخطابي وغيره على غريب هذه الأحاديث وقد ذكر السهيلي في كتابه التعريف والاعلام: أن أمية بن أبي الصلت أول من قال باسمك اللهم، وذكر عند ذلك قصة غريبة وهو أنهم خرجوا في جماعة من قريش في سفر فيهم حرب بن أمية والد أبي سفيان قال فمروا في مسيرهم بحية فقتلوها فلما أمسوا جاءتهم امرأة من الجان فعاتبتهم في قتل تلك الحية ومعها قضيب فضربت به الأرض ضربة نفرت الإبل عن آخرها فذهبت وشردت كل مذهب وقاموا فلم يزالوا في طلبها حتى ردوها فلما اجتمعوا جاءتهم أيضا فضربت الأرض بقضيبها فنفرت الإبل فذهبوا في طلبها فلما أعياهم ذلك قالوا والله هل عندك لما نحن فيه من مخرج فقال لا والله ولكن سأنظر في ذلك قال فساروا في تلك المحلة لعلهم يجدون أحدا يسألونه عما قد حل بهم من العناء إذا نار تلوح على بعد فجاؤوها فإذا شيخ على باب خيمة يوقد نارا وإذا هو من الجان في غاية الضآلة والدمامة فسلموا عليه فسألهم عما هم فيه فقال إذا جاءتكم فقل بسمك اللهم فإنها تهرب فلما اجتمعوا وجاءتهم الثالثة أو الرابعة قال في وجهها أمية بسمك اللهم فشردت ولم يقر لها قرار لكن عدت الجن على حرب بن أمية فقتلوه بتلك الحية فتبره أصحابه هنالك حيث لا جار ولا دار ففي ذلك يقول الجان:
وقبر حرب بمكان قفر * وليس قرب قبر حرب قبر وذكر بعضهم: أنه كان يتفرس في بعض الأحيان في لغات الحيوانات فكان يمر في السفر على الطير فيقول لأصحابه: إن هذا يقول كذا وكذا فيقولون لا نعلم صدق ما يقول حتى مروا على قطيع غنم قد انقطعت منه شاة ومعها ولدها فالتفتت إليه فثغت كأنها تستحثه. فقال: أتدرون ما تقول له قالوا لا قال إنها تقول أسرع بنا لا يجئ الذئب فيأكلك كما أكل الذئب أخاك عام أول فأسرعوا حتى سألوا الراعي هل أكل له الذئب عام أول حملا بتلك البقعة فقال نعم. قال: ومر يوما على بعير عليه امرأة راكبة وهو يرفع رأسه إليها ويرغو. فقال: إنه يقول لها إنك رحلتيني وفي