أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي أنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد السعدي - قاضي فارس - حدثنا أبو داود سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم الطائي من أهل حران حدثنا أبو عمرو سعيد بن يربع عن محمد بن إسحاق حدثني بعض أصحابنا من أهل العلم عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال: كان الجارود بن المعلى بن حنش بن معلى العبدي نصرانيا حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها عالما بسير الفرس وأقاويلها بصيرا بالفلسفة والطب ظاهر الدهاء والأدب كامل الجمال ذا ثروة ومال وأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافدا في رجال من عبد القيس ذوي آراء وأسنان وفصاحة وبيان وحجج وبرهان فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف بين يديه وأشار إليه وأنشأ يقول:
يا نبي الهدى أتتك رجال * قطعت فدفدا وآلا فآلا وطوت نحوك الصحاصح تهوى * لا تعد الكلال فيك كلالا كل بهماء قصر الطرف عنها * أرقلتها قلاصنا ارقالا وطوتها العتاق يجمح فيها * بكماة كأنجم تتلألأ تبتغي دفع بأس يوم عظيم * هائل أوجع القلوب وهالا ومزادا لمحشر الخلق طرا * وفراقا لمن تمادى ضلالا نحو نور من الاله وبرها * ن وبر ونعمة أن تنالا خصك الله يا بن آمنة الخير * بها إذ أتت سجالا سجالا فاجعل الحظ منك يا حجة الله * جزيلا لاحظ خلف أحالا قال فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم وقرب مجلسه وقال له. يا جارود لقد تأخر الموعود بك وبقومك. فقال الجارود: فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فاته حظه وتلك أعظم حوبة وأغلظ عقوبة وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعداك واتبع سواك وإني الآن على دين قد علمت به قد جئتك وها أنا تاركه لدينك أفذلك مما يمحص الذنوب والمآثم والحوب؟ ويرضى الرب عن المربوب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ضامن لك ذلك وأخلص الآن لله بالوحدانية ودع عنك دين النصرانية. فنال الجارود: فداك أبي وأمي مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك محمد عبده ورسوله. قال: فأسلم وأسلم معه أناس من قومه فسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، وأظهر من إكرامهم ما سروا به وابتهجوا به. ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الأيادي فقال الجارود فداك أبي وأمي كلنا نعرفه وإني من بينهم لعالم بخبره واقف على أمره كان قس يا رسول الله سبطا من أسباط العرب عمر ستمائة سنة تقفز منها خمسة أعمار في البراري والقفار يضج بالتسبيح على مثال المسيح لا يقره قرار ولا تكنه دار ولا يستمتع به جار. كان يلبس الأمساح ويفوق السياح، ولا يفتر من رهبانيته يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام،