عليه إذ شهق شهقة فقلت قد هلك الرجل. فشق بصره نحو السقف فرفع صوته. فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، لا ذو براءة فاعتذر، ولا ذو عشيرة فانتصر. ثم أغمي عليه إذ شهق شهقة وشق بصره ونظر نحو السلف. فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، بالنعم محفود وبالذنب محصود، ثم أغمي عليه إذ شهق شهقة. فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما.
إن تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لك لا ألما ثم أغمي عليه إذ شهق شهقة فقال:
كل عيش وان تطاول دهرا * صائر مرة (2) إلى أن يزولا ليتني كنت قبل ما قد بدا لي * في قلال الجبال أرعى الوعولا قالت: ثم مات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا فارعة إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها ". الآية وقد تكلم الخطابي على غريب هذا الحديث. وروى الحافظ ابن عساكر عن الزهري أنه قال قال أمة بن أبي الصلت:
ألا رسول لنا منا يخبرنا * ما بعد غايتنا من رأس مجرانا قال ثم خرج أمية بن أبي الصلت إلى البحرين وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام أمية بالبحرين ثماني سنين ثم قدم الطائف فقال لهم: ما يقول محمد بن عبد الله قالوا يزعم أنه نبي هو الذي كنت تتمنى. قال: فخرج حتى قدم عليه مكة فلقيه. فقال: يا بن عبد المطلب ما هذا الذي تقول قال أقول: إني رسول الله وأن لا إله إلا هو. قال: إني أريد أن أكلمك فعدني غدا قال فموعدك غدا قال فتحب أن آتيك وحدي أو في جماعة من أصحابي وتأتيني وحدك أو في جماعة من أصحابك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذلك شئت قال فإني آتيك في جماعة فأت في جماعة قال فلما كان الغد غدا أمية في جماعة من قريش قال وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم معه نفر من أصحابه حتى جلسوا في ظل الكعبة.
قال: فبدأ أمية فخطب ثم سجع ثم أنشد الشعر حتى إذا فرغ الشعر قال أجبني يا بن عبد المطلب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم. يسن والقرآن الحكيم) حتى إذا فرغ منها وثب أمية يجر رجليه قال فتبعته قريش يقولون ما تقول يا أمية قال أشهد أنه على الحق.
فقالوا: هل تتبعه قال حتى أنظر في أمره قال ثم خرج أمية إلى الشام وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قتل أهل بدر قدم أمية من الشام حتى نزل بدرا ثم ترحل يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قائل: يا أبا الصلت ما تريد؟ قال أريد محمدا قال وما تصنع؟ قال أو من به والقى إليه مقاليد هذا الامر قال:
أتدري من في القليب؟ قال لا قال: فيه عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وهما ابنا خالك - وأمه ربيعة بنت عبد شمس - قال فجدع أذني ناقته وقطع ذنبها ثم وقف على القليب يقول:
ماذا ببدر فالعقنقل * من مرازبة جحاجح القصيدة إلى آخرها كما سيأتي ذكرها بتمامها في قصة بدر إن شاء الله. ثم رجع إلى مكة