فانسلخ منها) فقال هل تدرون من هو؟ فقال بعضهم: هو صيفي بن الراهب. وقال آخر: بل هو بلعم رجل من بني إسرائيل فقال لا! قال فمن؟ قال هو أمية بن أبي الصلت وهكذا قال أبو صالح والكلبي وحكاه قتادة عن بعضهم. وقال الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عبد الله بن شبيب الربعي حدثنا محمد بن مسلمة بن هشام المخزومي حدثنا إسماعيل بن الطريح بن إسماعيل الثقفي حدثني أبي عن أبيه عن مروان بن الحكم عن معاوية بن أبي سفيان عن أبيه. قال: خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت الثقفي تجارا إلى الشام فكلما نزلنا منزلا أخذ أمية سفرا له يقرأه علينا فكنا كذلك حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فجاؤوه وأكرموه وأهدوا له وذهب معهم إلى بيوتهم ثم رجع في وسط النهار فطرح ثوبيه وأخذ ثوبين له أسودين فلبسهما وقال لي هل لك يا أبا سفيان في عالم من علماء النصارى إليه يتناهى علم الكتاب تسأله. قلت: لا إرب لي فيه والله لئن حدثني بما أحب لا أثق به ولئن حدثني بما أكره لأجدن منه. قال فذهب وخالفه شيخ من النصارى فدخل علي فقال ما يمنعك أن تذهب إلى هذا الشيخ قلت لست على دينه قال وإن فإنك تسمع منه عجبا وتراه. ثم قال لي أثقفي أنت؟ قلت لا ولكن قرشي؟ قال فما يمنعك من الشيخ فوالله إنه ليحبكم ويوصي بكم. قال فخرج من عندنا ومكث أمية عندهم حتى جاءنا بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه فوالله ما نام ولا قام حتى أصبح كئيبا حزينا ساقطا غبوقه على صبوحه ما يكلمنا ولا نكلمه. ثم قال: ألا ترحل. قلت وهل بك من رحيل؟
قال نعم! فرحلنا فسرنا بذلك ليلتين ثم قال في الليلة الثالثة: لا تحدث يا أبا سفيان قلت وهل بك من حديث والله ما رأيت مثل الذي رجعت به من عند صاحبك قال أما إن ذلك لشئ لست فيه إنما ذلك لشئ وجلت منه من منقلبي قلت وهل لك من منقلب. قال: أي والله لأموتن ثم لأحيين قال قلت هل أنت قابل أمانتي قال على ماذا؟ قلت على أنك لا تبعث ولا تحاسب قال فضحك ثم قال: بلى! والله يا أبا سفيان لنبعثن ثم لنحاسبن وليدخلن فريق الجنة وفريق النار. قلت: ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك قال لا علم لصاحبي بذلك لا في ولا في نفسه. قال فكنا في ذلك ليلتين يعجب مني وأضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق فبعنا متاعنا وأقمنا بها شهرين فارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاؤوه واهدوا له وذهب معهم إلى بيعتهم فما جاء إلا بعد منتصف النهار فلبس ثوبيه وذهب إليهم حتى جاء بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ورمى بنفسه على فراشه فوالله ما نام ولا قام وأصبح حزينا كئيبا لا يكلمنا ولا نكلمه. ثم قال: ألا ترحل؟ قلت: بلى إن شئت. فرحلنا كذلك في بثه وحزنه ليالي. ثم قال لي: يا أبا سفيان هل لك في المسير لنتقدم أصحابنا قلت هل لك فيه قال نعم!
فسرنا حتى برزنا من أصحابنا ساعة ثم قال: هيا صخر. فقلت: ما تشاء؟ قال حدثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المظالم والمجارم قلت: إي والله قال: ويصل الرحم ويأمر بصلتها. قلت إي والله! قال وكريم الطرفين وسط في العشيرة قلت نعم! قال فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت