يعلي الموصلي: حدثنا المعلى بن مهدي الموصلي قال حدثنا أبو عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفئ عنكم نار الحرتين فقال له رجل من قومه (1) والله يا خالد ما قلت لنا قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحرتين تزعم أنك تطفئها فخرج خالد ومعه أناس من قومه فيهم عمارة بن زياد فأتوها فإذا هي تخرج من شق جبل فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه وهو يقول: بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي بيدي حتى دخل معها الشق فأبطأ عليهم فقال لهم عمارة بن زياد والله إن صاحبكم لو كان حيا لقد خرج إليكم بعد قالوا فادعوه باسمه. قال فقالوا إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه باسمه فخرج وهو آخذ برأسه فقال ألم أنهكم أن تدعوني باسمي فقد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فأنبشوني فإنكم تجدوني حيا فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا أنبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه فقال لهم عمارة لا تنبشوه لا والله لا تحدث مضر أن ننبش موتانا وقد كان قال لهم خالد إن في عكن امرأته لوحين فإن أشكل عليكم أمر فانظروا فيها فإنكم ستجدون ما تسألون عنه قال ولا يمسهما حائض فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما إليهم وهي حائض فذهب ما كان فيهما من علم (2).
قال أبو يونس: قال سماك بن حرب سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ذاك نبي أضاعه قومه " قال أبو يونس: قال سماك بن حرب إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " مرحبا بابن أخي ". فهذا السياق موقوف على ابن عباس وليس فيه أنه كان نبيا والمرسلات التي فيها أنه نبي لا يحتج بها هاهنا والأشبه أنه كان رجلا صالحا له أحوال وكرامات فإنه إن كان في زمن الفترة فقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن أولى الناس بعيسى بن مريم أنا لأنه ليس بيني وبينه نبي ". وإن كان قبلها فلا يمكن أن يكون نبيا لان الله تعالى قال: (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) (3) وقد قال غير واحد من العلماء إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيا في العرب إلا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء الذي دعا به إبراهيم الخليل باني الكعبة المكرمة التي جعلها الله قبلة لأهل الأرض شرعا وبشرت به الأنبياء لقومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى بن مريم عليه السلام وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان صاحب مدين وبعث إلى العرب أيضا حنظلة بن صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بخت نصر فنال منهم من القتل والسبي نحو ما نال من بني