وكان عامر بن الظرب العدواني لا يكون بين العرب نائرة (1) إلا تحاكموا إليه فيرضون بما يقضي به فتحاكموا إليه مرة في ميراث خنثى فبات ليلته ساهرا يتروى ماذا يحكم به فرأته جارية له كانت ترعى عليه غنمه اسمها سخيلة، فقالت له مالك لا أبالك؟ الليلة ساهرا؟ فذكر لها ما هو - مفكر فيه، وقال لعلها يكون عندها في ذلك شئ فقالت اتبع القضاء المبال (2) فقال فرجتها والله يا سخيلة وحكم بذلك.
قال السهيلي: وهذا الحكم من باب الاستدلال بالامارات والعلامات وله أصل في الشرع قال الله تعالى: (وجاءوا على قميصه بدم كذب) [يوسف: 18] حيث لا أثر لأنياب الذئب فيه. وقال تعالى: (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) [يوسف: 26 - 27].
وفي الحديث: " انظروها فإن جاءت به أورق جعدا جماليا فهو للذي رميت به ".
قال ابن إسحاق: وكان النسئ في بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر. قال ابن إسحاق: وكان أول من نسأ الشهور على العرب، القلمس (3) وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي ثم قام بعده ابنه عباد ثم قلع بن عباد ثم أمية بن قلع ثم عوف بن أمية ثم كان آخرهم أبو ثمامة جنادة بن عوف بن قلع بن عباد بن حذيفة وهو القلمس فعلى أبي ثمامة قام الاسلام (4) وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فخطبهم فحرم الأشهر الحرم فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم وجعل مكانه صفرا ليواطئوا عدة ما حرم الله فيقول: (اللهم إني أحللت أحد الصفرين الصفر الأول وأنسأت الآخر للعام المقبل) فتتبعه العرب في ذلك ففي ذلك يقول عمير بن قيس أحد بني فراس بن غنم [بن ثعلبة] بن مالك بن كنانة ويعرف عمير بن قيس هذا بجدل الطعان (5):
لقد علمت معد أن قومي * كرام الناس أن لهم كراما