فقال لجعفر: العسكر كله بين يديك والناشبة والنفاطون فإن أردت فخذ منهم ما تريد.
واعزم على بركة الله وتقدم من أي موضع تريده فسار إلى الموضع الذي كان به ذلك اليوم وقال لأبي سعيد قف عندي أنت وأصحابك وقال لجعفر قف أنت ههنا لمكان عينه له فإن أراد جعفر رجالا أو فرسانا أمددناه.
وتقدم جعفر والمتطوعة فقاتلوا وتعلقوا بسور البذ وضرب جعفر باب البذ ووقف عنده يقاتل عليه ووجه الأفشين إليه وإلى المتطوعة بالأموال لتفرق فيهم ويعطى من تقدم وأمدهم بالفعلة معهم الفؤوس وبعث إليهم بالمياه لئلا يعطشوا وبالكعك والسويق فاشتبكت الحرب على الباب طويلا ففتحت الخرمية الباب وخرجوا على أصحاب جعفر فنحوهم عن الباب وشدوا على المتطوعة من الناحية الأخرى فطرحوهم عن السور ورموهم بالصخر وأثروا فيهم وضعفوا عن الحرب وأخذ جعفر من أصحابه نحو مائة رجل فوقفوا خلف تراسهم متحاجزين لا يقدم أحد على الآخر فلم يزالوا كذلك حتى صليت الظهر فتحاجزوا.
وبعث الأفشين الرجالة الذي كانوا عنده نحو المتطوعة وبعث إلى جعفر بعضهم خوفا أن يطمع العدو فقال جعفر لست أوتى من قلة ولكني لا أرى للحرب موضعا يتقدمون فيه فأمره بالانصراف فانصرف.
وحمل الأفشين الجرحى ومن به وهن من حجر فحملوا في المحامل على البغال وانصرفوا عنهم وأيس الناس من الفتح تلك السنة وانصرف أكثر المتطوعة.