فأراه ما عمل وأطاف به خنادقه كلها وقال اذهب فعرفه ما رأيت.
وكان جماعة من الخرمية يأتون إلى قريب خندق الأفشين فيصيحون فلم يترك الأفشين أحدا يخرج إليهم فعلوا ذلك ثلاثة أيام ثم إن الأفشين أكمن لهم كمينا فما جاؤوا ثاروا عليهم فهربوا ولم يعودوا.
وعبى الأفشين أصحابه وأمر كلا منهم بلزومه موضعه وكان يركب والناس في مواقفهم فكان يصلي الصبح بغلس ثم يضرب الطبول ويسير زحفا وكانت علامته في المسير والوقوف ضرب الطبول لكثرة الناس ومسيرهم في الجبال والأودية على مصافهم فإذا سار ضربها وإذا وقف أمسك عن ضربها فيقف الناس جميعا ويسيرون جميعا.
وكان يسير قليلا كلما جاءه كوهباني بخبر سار أو وقف وكان إذا أراد أن يتقدم إلى المكان الذي كانت به الوقعة عام أول خلف بخاراخذاه على رأس العقبة في ألف فارس وستمائة راجل يحفظون الطريق لئلا يأخذه الخرمية عليهم.
وكان بابك إذا أحس بمجيئهم وجه جمعا من أصحابه فيكمنون في واد تحت تلك العقبة تحت بخاراخذاه واجتهد الأفشين أن يعرف مكان كمين بابك فلم يعلم بهم وكان يأمر أبا سعيد أن يعبر الوادي في كردوس ويأمر جعفر الخياط أن يعبر في كردوس ويأمر أحمد بن الخليل بن هشام أن يعبر في كردوس آخر فيصير في ذلك الجانب ثلاثة كراديس في طرف أبياتهم وكان بابك يخرج عسكره فيقف بإزاء هذه الكراديس لئلا