قال الكوثر: أمر الأمين أن يفرش له على دكان في الخلد يوما ففرش عليها بساط زرعي ونمارق وفرش مثله وهيئ من آنية الذهب والفضة والجواهر أمر عظيم وأمر قيمة جواريه أن تهيئ له مائة جارية صانعة فتصعد إليه عشرا بأيديهن العيدان يغنين بصوت واحد فأصعدت إليه عشرا فاندفعن يغنين بصوت واحد:
(هم قتلوه كي يكونوا مكانه * كما غدرت يوما بكسرى مرازبه) فسبهن وطردهن ثم أمرها فأصعدت عشرا غيرهن فغنينه:
(من كان مسرورا بمقتل مالك * فليأت نسوتنا بوجه نهار) ففعل مثل ما فعله وأطرق طويلا ثم قال اصعدي عشرا فأصعدتهن فغنين:
(كليب لعمري كان أكثر ناصرا * وأيسر حزما منك ضرج بالدم) فقام من مجلسه، وأمر بهدم الدكان تطيرا مما كان قيل وذكر محمد الأمين عند الفضل بن سهل بخراسان فقال كيف لا يستحل قتل محمد وشاعره يقول في مجلسه:
(ألا فأسقني خمرا وقل لي هي الخمر * ولا تسقني سرا فقد أمكن الجهر) فبلغت القصة الأمين فحبس أبا نواس لم نجد في سيرته ما يستحسن ذكره من حلم أو معدلة أو تجربة حتى نذكرها وهذا القدر كاف.