لم أر مثله في الطول والعرض، وعلى سوادي، ومنطقتي وسيفي وكان طاهر في أصل ذلك الحائط فما زال يضربه حتى سقط وسقطت وطارت قلنسوتي عن رأسي فأنا أتطير منه وأكرهه وهرثمة مولانا وهو بمنزلة الوالد وأنا أشد أنسا به وثقة إليه.
فأرسل يطلب الأمان فأجابه هرثمة إلى ذلك وحلف له أن يقاتل دونه إن هم المأمون بقتله، فلما علم ذلك طاهر اشتد عليه وأبى أن يدعه يخرج إلى هرثمة وقال هو في جندي والجانب الذي أنا فيه وأنا أخرجته بالحصار حتى طلب الأمان فلا أرضى أن يخرج إلى هرثمة فيكون له الفتح دوني.
فلما بلغ ذلك هرثمة والقواد اجتمعوا في منزل خزيمة بن خازم وحضر طاهر وقواده وحضر سليمان بن المنصور والسندي ومحمد بن عيسى بن نهيك وأداروا الرأي بينهم وأخبروا طاهرا أنه لا يخرج إليه أبدا وأنه إن لم يجب إلى ما سأل لم يؤمن إلا أن يكون الأمر مثله إلى الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان وقالوا له إنه يخرج إلى هرثمة ببدنة ويدفع إليك الخاتم والقضيب والبردة وذلك هو الخلافة فاغتنم هذا الأمر ولا تفسده! فأجاب إلى ذلك ورضي به.
ثم إن الهرش لما علم بالخبر أراد التقرب إلى طاهر فأخبر أن الذي جرى بينهم مكر وأن الخاتم والقضيب والبردة يحمل مع الأمين إلى هرثمة فاغتاظ منه وجعل حول قصر أم الأمين وقصور الخلد قوما معهم العتل والفؤوس ولم يعلم بهم أحد.
فلما تهيأ الأمين للخروج إلى هرثمة،