المجانيق بإزاء قصر زبيدة، وقصر الخلد؛ وأخذ الأمين أمه وأولاده إلى مدينة المنصور وتفرق منه عامة جنده وخصيانه وجواريه في الطريق لا يلوي أحد على أحد وتفرق السفلة والغوغاء وتحصن محمد بمدينة المنصور وحصره طاهر وأخذ عليه الأبواب.
وبلغ خبر هذه الوقعة عمرو الوراق، فقال لمخبره: ناولني قدحا ثم تمثل:
(خذها فللخمرة أسماء * لها دواء ولها داء) (يصلحها الماء إذا أصفقت * يوما وقد يفسدها الماء) (وقائل كانت لهم وقعة * في يومنا هذا وأشياء) (قلت له أنت أمر} جاهل * فيك عن الخيرات إبطاء) (اشرب ودعنا من أحاديثهم * يصطلح الناس إذا شاؤوا) وحكى إبراهيم بن المهدي أنه كان مع الأمين لما حصره طاهر قال فخرج الأمين ذات ليلة يريد أن يتفرج من الضيق الذي هو فيه فصار إلى قصر له بناحية الخلد ثم أرسل إلى فحضرت عنده فقال ترى طيب هذه الليلة وحسن القمر في السماء وضوءه في الماء على شاطيء دجلة فهل لك في الشرب فقلت شأنك فشرب رطلا وسقاني ثم غنيته ما كنت أعلم أنه يحبه فقال لي ما تقول فيمن يضرب عليك؟ فقلت ما أحوجني إليه فدعا بجارية متقدمة عنده اسمها ضعف فتطيرت من اسمها ونحن في تلك الحال فقال لها غني فغنت بشعر النابغة الجعدي:
(كليب لعمري كان أكثر ناصرا * وأيسر جرما منك ضرج بالدم)